بيان الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيا
يقف العالم أجمع اليوم متفرجًا على جريمة حرب منظمة تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق نحو مليونين ومئتي ألف مدني في قطاع غزة، بعد حرمانهم من الماء والكهرباء والدواء ومحاصرتهم من الجو والبر والبحر، يمعن الاحتلال بإبادة أحياء كاملة ببناها التحتية ومرافقها ومبانيها، وقتل عائلات كاملة في المدن والمخيمات. تجري هذه الجريمة الموصوفة على مرأى ومسمع مما يُسمى بـ”العالم الحر” و”الرأي العام الدولي”، والأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية الحقوقية والإغاثية. بينما بعض الأنظمة السياسية تبرر للقاتل جريمته، تساوي أنظمة أخرى بين القاتل والضحية، يحل الصمت المطبق على معظم العالم في انتظار أن ينتهي المجرمون من جريمتهم. ويتمادى المجرمون حتى وصل بهم الأمر إلى استهداف الصحافيين وقتلهم بدم بارد لطمس الحقائق ومنع توثيق الجرائم.
تشهد فلسطين في هذه الأيام فصلًا جديدًا من جريمة مستمرة منذ عقود هدفها تدمير الإنسان الفلسطيني وترحيله من أرضه، وفي قطاع غزة وبين أهلنا نحو 400 ألف شخص معوق، معظم إعاقاتهم نتجت عن عدوانات سابقة شنها المجرم نفسه. من لم يستشهد منهم خلال الأيام السابقة يعيش في أسوأ الظروف محرومًا من أدنى الحقوق البشرية. أمام هذه المأساة الكبيرة التي هي بفعل فاعل مدرك يمارس التطهير العنصري تجاه المدنيين الفلسطينيين من النساء والأطفال والشيوخ العزل، لا تنفع الإدانات والاستنكارات مهما ارتفع سقفها، وكذلك لا تنفع المناشدات.
أمام فضيحة وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإغاثية الدولية في مؤازرة القاتل وتجاهل الضحية نقف عند مفترق طرق خطير كان يعرف سابقًا بازدواجية المعايير وها هو يكشف اليوم عن وجهه الحقيقي باعتبار أن المدنيين الفلسطينيين ليسوا مشمولين بشرعة حقوق الإنسان. إننا نحمل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الغربية المسؤولية المباشرة عن حياة كل شخص معوق في قطاع غزة.
إننا في “الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا”، مع منظمات الأشخاص المعوقين الحقوقية، وبمؤازرة “المنتدى العربي لحقوق الأشخاص المعوقين” نرصد ما يجري على الأرض، ونجمع البيانات لرفع دعاوى فردية باسم كل شخص معوق لحق به الأذى جراء هذه الجريمة الوحشية. هي ليست المرة الأولى التي يواجه فيها أهلنا في فلسطين أكثر الأسلحة الحديثة فتكًا وتدميرًا، لن ينتصر القاتل، وستبقى غزة وأهلها رمزًا من رموز الدفاع عن الحق البشري بالعيش الكريم. لن يكسر المحتل، مهما تجبّر ومهما طالت الأيام، إرادة الشعب الفلسطيني في تحرره وتوقه إلى الحرية ومطالبته في تحقيق حلمه بدولة مستقلة عاصمتها القدس، وبعودة جميع أبنائه إلى ربوع فلسطين.