المؤسسات وتعزيز النمو الاقتصادي..بقلم وزير المالية الأردني الأسبق
بقلم وزير المالية الأردني الأسبق
العمل على تحقيق نمو اقتصادي مستدام هو أحد أهداف السياسات الاقتصادية التي تطمح للحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي ورفع مستوى معيشة المواطنين وتوفير فرص العمل الملائمة، وفي هذا الاطار يتم اللجوء الى تحفيز وجذب الاستثمارات وتحسين بيئة الاعمال وتشجيع الصادرات ودعم الابتكار والريادة وتحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية، وكل ذلك لا بد أن ينفذ عبر مؤسسات تستند الى تقاليد راسخة وتشريعات مرنة تساعد عل التكيف مع مختلف المتغيرات المحلية والعالمية بما فيها التطورات التكنولوجية والتعاون بين مختلف القطاعات الاقتصادية والتواصل الفعال المستند الى الثقة المتبادلة والشراكة الحقيقية.
وتؤدي المؤسسات دوراً رئيسياً في الأنشطة الإنتاجية والخدمية لتساهم بذلك في تعزيز وتحفيز النمو الاقتصادي والمساعدة في بلوغه نسباً مرتفعة تنعكس ايجاباً على مجمل الأداء الاقتصادي، وهنا لا بد من التنويه بأهمية التكامل والتنسيق بين عمل المؤسسات المختلفة وقيامها بالأدوار المنوطة بها بكفاءة وفاعلية، ويمثل العامل البشري عاملاً اساسياً في تمكين المؤسسات من القيام بأدوارها ورسم الخطط المستقبلية القابلة للتنفيذ وذات الأثر المباشر على حياة المواطن، وكل ذلك ضمن اطار من الحوكمة الرشيدة والمساءلة والشفافية التي تعمل على تعزيز العمل المؤسسي المنسجم مع الأهداف التنموية للدولة والذي من خلاله يمكن تجنب العديد من الثغرات والمصاعب التي قد تعيق التقدم في تحقيق المستهدفات التنموية، هذا بالإضافة الى ضمان الاستغلال الأمثل للموارد وتوجيهها نحو الأولويات الوطنية لتشمل مختلف الفئات الاجتماعية وتستجيب لمتطلباتها.
والحديث عن أهمية المؤسسات ودورها التنموي لا يقتصر على المؤسسات العامة أو الحكومية، مع التأكيد على دورها المحوري، بل يشمل أيضاً مؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الاهلية ومؤسسات المجتمع المدني فالتكامل والتنسيق بين عمل مختلف هذه الجهات يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على سائر الأنشطة الاقتصادية، لذلك فقيامها بمهامها في اطار تشريعي واضح ومحدد لا بد أن يحظى باهتمام خاص.
وكما هو معروف فالتطور والنمو لا يعتمد بالضرورة على توافر الموارد التمويلية او الثروات الطبيعية فحسب بل لا بد أن يستند الى سياسات قادرة على تحقيق النتائج وإدارة المصادر المتوفرة بما يخدم المصلحة العامة ويتناسب مع الظروف والمتطلبات الراهنة مع مراعاة الاثار والمستجدات المستقبلية، وبالتالي نستطيع التأكيد بان العمل المؤسسي المنسجم مع الإمكانيات والقادر على التأقلم مع المستجدات يشكل ضمانة للاستمرارية في البناء على ما تحقق ومواصلة السير قدماً لتحقيق التطور وتحفيز النمو عبر الأطر والاليات المؤسسية التي تقودها كوادر بشرية مؤهلة وقادرة على اتخاذ القرارات المناسبة المنسجمة مع الأهداف والطموحات.
الجهود التي تبذل حالياً في مجال الإصلاح والتحديث لا بد أن تولي رعاية خاصة واهتماماً كبيراً بتعزيز وتطوير المؤسسات وبما يضمن توفر الأطر والاليات والإدارات المؤسسية التي تتيح السير قدماً في تنفيذ الخطط والمشاريع والبرامج لتحقيق الأهداف وترسيخ دولة المؤسسات ذات الحجم الصغير والكفاءة العالية والتي تضمن تعزيز وتفعيل المؤسسات الهامة والمحورية القادرة على القيام بالأدوار المطلوبة منها وتأمين الخدمات الموكلة لها بما يتفق واحتياجات المستثمرين والمواطنين والقطاعات الاقتصادية ويلبي المتطلبات التشريعية ذات العلاقة.
المؤسسات التي تعاني الضعف والترهل واضافة لعدم قيامها بالدور المطلوب منها بشكل ملائم فهي أيضاً تشكل عائقاً أمام جهود الإصلاح والتحديث، وإحدى ضمانات التحديث والإصلاح تكمن بتوفر مؤسسات على درجة عالية من المهنية والمسؤولية والقدرة على توفير الحلول المناسبة في ظل المستجدات المختلفة، ولا بد أن تتصف أيضاً بالشفافية وأن تخضع للمحاسبة والمساءلة وفق معايير واضحة ومحددة لتشكل بذلك رافعة للنمو الاقتصادي المستدام الذي يساهم في تحسين حياة المواطنين وتوليد فرص العمل وتسريع الوصول الى النهضة التنموية التي نطمح لتحقيقها.