الحوار والجولات الميدانية للحكومة ….. توسيع التواصل والشراكة
بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د . محمد أبو حمور
العمل الميداني والتواصل المباشر مع المواطنين هو الطريق الأقصر لتلمس الاحتياجات الأساسية للمواطن وتلبية متطلباته الخدمية، وهذا ما سبق أن أكدت عليه التوجيهات الملكية السامية في أكثر من مناسبة ومنذ سنوات .
ويلاحظ أن الحكومة ممثلة برئيسها وعدد من الوزراء قامت ومنذ بداية هذا العام بجولات ميدانية وتفقدية لمؤسسات ومشاريع تنموية في أكثر من محافظة، يضاف لذلك لقاءات مع فعاليات شعبية للاستماع لمطالب المواطنين واحتياجاتهم، وبرزت الى الواجهة مؤخراً سلسلة حوارات مع الشَّباب الأردنيين تحت عنوان: (رؤى التحديث: الشباب محور الاهتمام)، وشملت طلبة الجامعات والفعاليات المجتمعية في الوسط والجنوب والشمال، وهذه التوجهات تمثل بلا شك خطوة هامة في الاتجاه الصحيح، فهي من حيث المبدأ تساهم في منح الرؤى التحديثية زخماً شعبياً كما أنها تتوجه الى الفئة التي يعول عليها بناء مستقبل الوطن والمضي قدماً في مسيرة نهضته وتطوره وصولاً الى تحقيق التنمية المستدامة والشاملة لمختلف القطاعات الاجتماعية.
يضاف لذلك المساهمة في تعزيز الثقة بين القطاعين العام والخاص وبناء علاقة تستند الى الشفافية والمساءلة والمسؤولية المجتمعية تجاه الرؤى الوطنية وبما يمكن من اطلاق الطاقات والاستفادة من القدرات والامكانيات التي تزخر بها المجتمعات المحلية.
التواصل كما أسلفت خطوة إيجابية ولكن لا بد أن تتبعها خطوات تعزز هذه الإيجابية وترفع مستواها لتصبح دافعاً للعمل والانجاز وبعكس ذلك ستصبح هذه اللقاءات والحوارات مجرد مبادرات معزولة لا تحمل أثراً ولا تؤدي لنتيجة.
ومن أهم هذه الخطوات الاستمرارية التي تتيح تمتين أواصر الثقة وتعزيز الحوار وتوظيفه ليشكل عاملاً فاعلاً وليؤدي دوراً حيوياً في تحقيق الرؤى الإصلاحية بمختلف مكوناتها، أضافة لذلك من المهم توسيع الحوار ليشمل أوسع شريحة ممكنة من المواطنين وبمشاركة مختلف الجهات الرسمية.
وقد تكون الفترة القادمة فرصة لتوسيع المشاركة المجتمعية في اعداد الموازنة وتحديد الأولويات حسب الإمكانات المتاحة وبما ينعكس ايجاباً على مختلف الشرائح الاجتماعية، وبداية من المقبول أن تطرح الجهات المسؤولة الطموحات التي تسعى لتحقيقها، الا أنه وفي مراحل قادمة لا بد من تفعيل الرقابة المجتمعية على الأداء وتقبُل الاقتراحات التي تساهم في تحسين الخدمات وتحديد الاحتياجات بشكل أفضل، وهذا يرسي قواعد تواصل فاعل يتيح بناء حوار صريح قائم على تحديد الأدوار ومراعاة الإمكانيات والموازنة بين المسؤولية والمحاسبة الهادفة الى تحسين الأداء والاستفادة من الإمكانيات.
تحديد الأهداف والنتائج المتوخاة من الحوار تمثل خطوة مهمة للتوصل الى حوارات ذات قيمة مضافة وقابلة للمتابعة والتقييم وقادرة على توفير المعالجات الانية للمصاعب والتحديات التي تعاني منها المجتمعات المحلية، مما يعزز الرغبة في بناء تعاون جاد تنعكس اثاره على الواقع الفعلي للمواطن مع متابعة أداء الجهات الرسمية التي تقدم خدمات للمواطنين وتسهل إقامة استثمارات نوعية وتحفز المبادرات الشبابية.
وفي ذات السياق يمكن أن ننطلق الى حوارات مشابهة مع الفعاليات الاقتصادية للمساهمة في مساعدتها على إزالة المعيقات التي قد تعترض استمراريتها أو توسعها الامر الذي سينعكس على مستوى حياة المواطن ويوفر السبل الكفيلة بمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة وخاصة معضلتي الفقر والبطالة وبهذا الخصوص لا بد من الإشارة الى ضرورة أن تحظى جهود التنمية الاقتصادية بما تتطلبه من اهتمام، فهذا المجال يشكل قاعدة النجاح لجهود الإصلاح الأخرى، فالمواطن المتمكن اقتصادياً أقدر على المشاركة في الحياة السياسية ولديه استعداد لتفهم ما قد يتم اتخاذه من إجراءات لتحسين الخدمات والنهوض بسوية المجتمع ويستطيع أن يدرك أن تحسين الظروف الاقتصادية والخدمية والنهوض بمستوى المعيشة لا يحدث بين ليلة وضحاها بل يحتاج الى وقت وجهد وبناء على ما تحقق من إنجازات ولكنه لا يحتمل الانكفاء او التراجع عن ما تحقق من تقدم بل يصر على تحسين البيئة القادرة على احتضان المنجزات والإصلاحات وتعميقها بما يخدم الوطن والمواطن عبر التأكيد على العدالة وتكافؤ الفرص والحوكمة الرشيدة.