“القومي” أحيا “عيد المقاومة والتحرير” باحتفال حاشد في ضاحية بيروت الجنوبية /ماضون لننتصر/
أحيا الحزب السوري القومي الإجتماعي مناسبة الخامس والعشرين من أيار “عيد المقاومة والتحرير” باحتفال حاشد في دار قاعة رسالات ـ الضاحية الجنوبية لبيروت، تحت شعار “ماضون لننتصر”. وشارك في الإحتفال جموع كبيرة من القوميين والمواطنين.
تقدّم الحضور إلى جانب نائب رئيس الحزب الأمين وائل الحسنية، عدد من أعضاء قيادة الحزب، بينهم عضو المجلس الأعلى – الأمين العام لمؤتمر الأحزاب العربية قاسم صالح، ورئيس المجلس القومي عاطف بزي واعضاء من القيادة المركزية.
كما حضر عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل النائب الدكتور قبلان قبلان، أمين عام رابطة الشغيلة النائب السابق زاهر الخطيب على رأس وفد، عضو المجلس السياسي في حزب الله محمد سعيد الخنسا، أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية اللواء فتحي أبو العردات، عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الاسلامي ومسؤول الساحة اللبنانية الشيخ علي أبو شاهين، عضو المكتب السياسي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين خالدات حسين، مسؤول طلائع حرب التحرير الشعبية – قوات الصاعقة في لبنان مازن عبد اللطيف على رأس وفد، رئيس حزب شبية لبنان العربي نديم الشمالي، القياديان في حزب البعث العربي الاشتراكي أحمد الأحمد وفايز ثريا، عضو قيادة الحزب العربي الديمقراطي مهدي مصطفى، رئيس حزب الوفاء أحمد علوان، أمين عام الحزب الديمقراطي الإشتراكي د. علي حرقوص، عضو قيادة رابطة الشغيلة حسين عطوي، رئيس التجمع اللبناني العربي عصام طنانه، القيادي في حزب رزكاري الكردي ـ اللبناني إبراهيم فرحو، مقرر الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة د. ناصر حيدر، رئيس لجنة الأسير يحيى سكاف جمال سكاف، الأسير الجولاني المحرر صادق القضماني، الشيخ أبو رعد البكاري على رأس وفد، وفد من حركة الإنتفاضة الفلسطينية ضم القياديين أبو شادي الشهابي وأبو جمال وهبي، القيادي في حركة أنصار الله – المقاومة الإسلامية حربي خليل، عضو اللجنة المركزية في جبهة التحرير الفلسطينية أبو وائل محمد، وفد من حزب فدا ضم القياديين مصطفى مراد وسعيد مراد، أمين سر حركة فلسطين حرة في لبنان محمد عويس، مسؤول حركة حماس في بيروت أبو خليل قاسم، أمين سر حركة فتح في بيروت اللواء سمير أبو عفش، القيادي في حركة فتح العميد ناصر أسعد، القيادي في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني شهدي عطية، رئيس رابطة العمال السوريين في لبنان مصطفى منصور، عضو جمعية تجار الحمرا محمد الريس وفاعليات ومسؤولي وممثلي المكاتب التربوية والمنظمات الشبابية والطلابيىة في الاحزاب والقوى والفصائل اللبنانية والفلسطينية وحشد كبير من القوميين والمواطنين.
استهلّ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد الحزب السوري القومي الاجتماعي ثم عرض فيلم عن شهداء الحزب.
تعريف
قدّم للاحتفال منفذ عام الطلبة الجامعيين في بيروت جاد منذر، وجاء في كلمته:
وما النصرُ إلا حليفُ شعبٍ ألِفَ النضال وأنِسَ الصّراع حتى بات الجهادُ ضرورةً حتميةً للوجود.
وما النصرُ إلا دربٌ معمّدةٌ بدماءٍ وتضحياتٍ أساسها جليُّ الحقّ يرفدهُ صلبُ اليقين.
وما نصرنا الذي نحتفلُ بعيده اليوم إلا تجسيدٌ أصيلٌ لقدرة شعبنا وعظيم إرادته على المواجهة والوقوف في وجه المحتل وسحقه.
فلا يستقيمُ .. لا ولن يستقيمَ الزيفُ والبُهتان مع الحقّ المُبين.. ولا يستوي أبناء الأرض مع المحتلين المعتدين الطامعين .. ولا لقاء بيننا وبين أعدائنا إلا لقاء النار بالنار.
إن عمليات المقاومة والفداء هي خطابنا الأوحد والأوفى، رغم محدودية الإمكانيات أمام عدوٍّ يلقى الدعم الدولي إلا أننا استطعنا بالصمود والإرادة والقوّة والعمل المنظم أن نهزمه في لبنان، ونكسر شوكتهُ ونهدد سلامته ونجعله يحسبُ ألف حسابٍ قبل الإعتداء على أرضنا وشعبنا وحقّنا في الحياة الحُرّة العزيزة.
وها نحنُ اليوم نجتمعُ للإحتفال بعيد المقاومة والتحرير مؤكدين أن المقاومة نهجُ حياةٍ لا نحيدُ عنه. وأن تحرير الأمس في 25 أيار من عام 2000 هو خطوةٌ على درب تحرير فلسطين وكامل ترابنا السوري المحتل.
نؤكد اليوم أن الحياة صراع .. والنصر في هذا الصراع من نصيب الثابتين المؤمنين الواثقين .. فطوبى لمن آمن بأن فيه قوّة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ وأنها لفاعلة .. وطوبى لمن جعل إرادته لهباً وصيحةً تقضُّ راحة الأعداء وعاصفة.
ماضون لننتصر وما النصرُ الكبير إلا من نصيب شعبنا الجبّار.
الخطيب
بداية، تحدث أمين عام رابطة الشغيلة النائب والوزير السابق زاهر الخطيب، واستهلّ كلمته بالقول: لمناسبة عيد المقاومة والتّحرير يشرّفني وأنا أعتلي منبر الحزب السّوريّ القوميّ الاجتماعيّ، أن استحضر مقاوماً أمميّاً، زعيماً من زعماء أمّتنا، شهيداً من عظمائنا، قدوة لنا في حياتنا، خالداً في عقولنا والوجدان…
في أساطير وقصص جدّاتنا والأجداد في كلّ زمان ومكان، إنّهم دوماً الثّوريون الذين لا يموتون ابداً، بل أحياء عند ربّهم يُرزقون، ولكن لا يشعرون…
في حضرة أنطون سعاده يضيق المجال أن نشهد به، فهو الذي يشهد لنا أو علينا، نحن نستشهد بما قال وبما فعل فحسب…
أنطون سعاده: هذا الإنسان الأمميّ الذي احتشدت في روحه القيَم والمبادئ فتجاوز بها تخوم ذاته الفرديّة، ليذوب في الذّات الجماعيّة مع احتياجات مجتمعه، وطموحات أمّته، معانقاً جوهر الأديان السّماويّة والعقائد الاجتماعيّة، والأرضيّة متّحداً بالكون الشّامل، وبالذّات الإلهيّة، ليكون بالكلّ واحداً.
أنطون سعاده: البادئ المتنبّئ، المتحسّس للحقائق المستقبليّة في أمّته المنذر المبكر، بوعيه القوميّ، للخطر الصهيوني، المجسّد روح عصره، والمقاومة الآتية من التّراث، والتّاريخ مع المقاومات الظّافرة التي بدأت تؤذن بنهضة الأمّة التي من أجلها استشهد زعيم من كبار زعمائها.
أنطون سعاده الرّوح الثوريّة المنتشرة في الأمّة بأرواح عظمائها يوسف العظمة، وظافر، وسناء، وخالد، ووجدي، وموسى الصدر، وراغب حرب، وعباس الموسوي، وهادي نصرالله، وأحمد ياسين، والرّنتيسي، والشّقاقي، والقسّام، والجزائري، والمختار… هذه الرّوح الثوريّة المتّحدة بشهداء الأمّة بلا استثناء، بأبطالها ومناضليها وشرفائها، في الأمس، واليوم، وفي المستقبل.
أنطون سعاده الضّمير المقاوم فينا لكلّ تجلّيات القهر القومي ولكلّ أشكال الاستبداد السّياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ، والثّقافيّ والروحيّ.
هذا الثائر أبداً على النفوس المريضة المتعايشة مع الانتهازيّة والانحراف والخيانة والتّكلّس والرّكود في مستنقعات الفساد والجمود والزّحف إلى الوراء.
أنطون سعاده: الفكر العلميّ الدّياليّ الدائب لاستجلاء الحقيقة، بوعي الضّرورة، واستيعاب سنن التّطوّر، وقوانين الحركة، والتّغيير في الطبيعة، وفي الانسان، وفي المجتمع يفهمها يعيها، يدركها ليكون سيداً عليها لا عبداً لها..
أنطون سعاده: هذا الوجدان النّقديّ العلميّ الثوريّ الذي لا يغرق في اللحظة الراهنة وفي موازين القوى الجامدة، وإنّما ينقد الحاضر في سياق حركته بمنظور تفاؤليّ مستقبليّ متحرّك ليستخرج الممكن من المستحيل. ويطرح المهام النّضالية والثوريّة مؤمناً إيماناً عميقاً بقدرة الشعوب على تغيير العالم وليس الوقوف فحسب عند تفسيره لتبرير التخاذل، والاستسلام له بحجّة الأمر الواقع والأمر المستحيل…
أنطون سعاده: هذا الإبداع الواقعيّ في تفكيك المشكلات والأزمات، وفي إيجاد الحلول العمليّة للمعضلات تحليلاً عقلانياً بقدر ما يطرحها التّطوّر الحضاري القوميّ الاجتماعيّ.
أنطون سعاده: هذا الكلّ المنصهر بآلام أمّته وآمالها وأحلامها.. هذا النقيّ التقيّ الوفيّ لدماء شهدائها وتراثها حتى الشّهادة ليكون لاستشهاده معان ودلالات وآفاق وأبعاد تحملها الأجيال النّاهضة في ضميرها كقوة نموذج في الفداء القوميّ، وليؤكّد استشهاده الحقيقة التّاريخيّة التي تتناسل منها حقائق خالدة لا تموت.. فالاستشهاديّ، يتحكم بالمعنى الذي يضفيه على موته من خلال إدراكه، وخياره لمعنى الحياة، وسرّها، وجوهرها، فالحياة وقفة عزّ فقط، هل يموت صانع العزّ في تاريخ أمّته، أم أنّه في وجدان الأمّة باق؟ وهو خالد لا يموت…
من فوق منبر استشهادك، قلت في ذاك اليوم أيّها الزّعيم: “أنا أموت أمّا حزبيّ فباق”…
أنطون سعاده: أنت لم تمت، إنّما أنت في وجدان العزّ باق…
وأختم قائلاً: حزبك، اليوم، ليس الحزب السّوريّ القوميّ الاجتماعيّ، فحسب…
حزبك، اليوم، إنّما هو حزب الله، وأنصار الله، والمقاومة العراقيّة، والأفغانيّة، وسائر مقاومات شعوب الأرض في كلّ ساحة من ساحات الاشتباك مع أعداء الإنسانيّة والأمّة، والقتال ضدّ القهر القوميّ والاستعماريّ وضدّ الاضطهاد الاجتماعيّ، والعنصريّ.. أوَلم يشهد العالم أجمع المناورة الحيّة لحزب الله التي أرعبت كيان العدو الصهيوني المصطنع؟
حزبك اليوم ينهض في عالم متفجّر يتغيّر في سياق تحوّلات استراتيجيّة في البيئة الدوليّة، والإقليميّة…
حزبك اليوم ينهض شامخاً بشعوب الأرض، ومقاومتها، ومناضليها من أميركا اللاتينية مروراً بالمثلث الذّهبيّ، ودمشق بيروت القدس بغداد، الى أقاصي الشرق الأقصى، ليعيد هيكلة العالم على صورة حلمك، وأحلام شهدائنا، بدمائك وبدماء شهداء الأمّة، وأبطالها، والأمميّين المكافحين في العالم الّذين يرون في الحياة وقفة عز فقط.
ها هم اليوم أبناء أمّتك على أرضهم وفي مياههم وتحت قبّة سمائهم، بدمائهم، يلحقون العار والهزائم المذلّة بالإمبريالية، بأعداء الإنسانيّة، ويرسمون لنا ولأجيالنا وللأمّة معالم النهضة المنشودة، ويعدون الانسانيّة جمعاء، وعداً صادقاً لفجر للإنسانيّة جديد، حيث لا قهر قوميّاً، ولا اجتماعيّاً، ولا استلاب ولا تشييء للإنسان.
أيّها الزّعيم: في عيد الانتصار التّاريخيّ والاستراتيجيّ للمقاومة ولأمّتك، في أيار نسأل أنفسنا صادقين، مصمّمين، واعدين، كيف نستطيع فعلاً، لا قولاً أن نفي لك عهداً أطلقته بالدّم؟ وأن نفي شهداء الأمّة وعدنا، ليكون وعداً بقوة نموذج ” الوعد الصادق” وعظمته.
سؤال سنبقى نطرحه على أنفسنا، نحن أبناء العقيدة، والشّرفاء، في العالم نحن أبناء حزبك، أبناء أمّتك، حتى النّصر أو الشّهادة، وإنّنا لظافرون بإذن الله…
منظمة التحرير
ثم كانت كلمة لأمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات قال فيها: “هي مناسبة عظيمة وعزيزة على قلوبنا التي حملتها دعوة إخوتنا ورفاقنا في الكفاح والسلاح في الحزب السوري القومي الاجتماعي، للإحياء والاحتفال بيوم نفتخر به ونعتز، يوم المقاومة والتحرير. 25 أيار ذكرى محفورة في قلوبنا جميعاً وقلوب كلّ الأحرار الذين ينتمون إلى فلسطين، وإلى كلّ المناضلين من أجلها وعلى دربها وعلى طريق قيم الحرية والعدالة”.
أضاف: “عندما نتحدث عن الشهداء نتحدث عن هؤلاء الأكرم منّا جميعاً، وأنطون سعاده الزعيم الكبير هو شهيد ارتقى من أجل قضية الأمة. وعندما نتحدث عن شهيد فإننا نتحدث عن كلّ الشهداء. لأنّ الشهداء هم في مرتبة واحدة، بدءاً من الذين استُشهدوا منذ بداية الثورة الفلسطينية، وحتى آخر شهيد يرتقي اليوم في الضفة أو القدس أو غزة أو في أراضي 1948 أو في لبنان”.
وحيّا أبو العردات “الشهداء الذين أنجزوا بتضحياتهم ودمائهم الزكية وقاتلوا بكلّ فخر واقتدار وإرادة وإيمان، واستطاعوا أن يدحروا الاحتلال دون قيد أو شرط، ذليلاً مهزوماً عن أرض الجنوب البطل والمقاوم. فالحياة وقفة عز، كما قال الزعيم أنطون سعاده وقد أصبحت كلماته مدوّية بأنّ معركتنا مع الاحتلال والصهاينة هي معركة وجود وليست معركة حدود، وهذا محفور في ذاكرة الجميع، بل أصبح نهجاً يسير عليه كلّ من يريد أن يناضل من أجل الحرية والاستقلال والعودة”.
وتابع: “اليوم أبناؤكم وإخوانكم في فلسطين يخوضون الصراع ويمتلكون الخبرة والإرادة والإيمان. ورغم تفوق الاحتلال بالعديد والعدة، إلا أنهم يبتكرون ويخترعون في كلّ يوم أشكالاً نضالية راقية، فيستشهدون وأيديهم على السلاح، شهيدات وشهداء وأسيرات وأسرى. لهؤلاء نرسل التحية ونقول: أيها الأبطال، أيها المرابطات والمرابطون في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، في القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة وفي كل فلسطين، أنتم لستم وحدكم فكلّ أبناء الأمة الأحرار من المحيط إلى الخليج وكل الأحرار في العالم يقفون خلف فلسطين، وهذا ما شهدناه من خلال الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، فلأول مرة تشهد قاعات الأمم المتحدة إحياء لهذه المناسبة، وهذا دليل على حجم الدعم والتأييد الدولي للقضية الفلسطينية. فلسطين ليست معزولة، بل لديها حلفاء وأصدقاء ومقاتلون، في حين بدأ الكيان الصهيوني يتآكل. فمنذ أكثر من 21 شهراً والكيان الصهيوني غير مستقر، في حين أنّ المقاومة تتطور ويتعزّز دورها وتراكم المزيد من الانتصارات والإنجازات في كلّ معركة وآخرها معركة ثأر الأحرار. وما يجري اليوم في فلسطين يجب أن نحتضنه”.
وتطرق أبو العردات إلى حضور سورية القمة العربية الأخيرة، وقال: “لا بد أن نبارك بعودة سورية إلى شغل موقعها في جامعة الدول العربية، وهذا شرف للجامعة العربية، لأنّ هذا هو المكان الطبيعي لسورية بين إخوانها وأشقائها، ولكن يجب أن يكون لذلك تتمة برفع الحصار الظالم عن سورية وإلغاء قانون قيصر، ونحن نمدّ أيدينا إلى سورية دعماً في مواجهة الحصار والغارات الصهيونية”.
وإذ رحّب بالاتفاق السعودي الإيراني، دعا أبو العردات “إلى حشد الطاقات من أجل تحرير فلسطين واستعادة الجولان وتحرير باقي الأراضي اللبنانية وكلّ بقعة ما زال يحتلها الكيان الغاصب”.
حزب الله
ثم تحدّث عضو المجلس السياسي في حزب الله محمد سعيد الخنسا، مُستهلاً كلمته “بالتحية والتقدير والمحبة لمن صنع التحرير، للشهداء الأبرار وعوائلهم ولمسيرة التضحية والفداء أنقلها إليكم، خصوصاً شهداء الحزب السوري القومي الاجتماعي من قيادة حزب الله”.
واعتبر الخنسا “أنّ حزباً طليعة قادته، بل بالأحرى زعيمه المؤسّس وقف وقفة عز في موقع الشهادة، لا خوف عليه”. وقال: “أرادوه منحرفاً وفاسداً فأبى، أرادوا أن يفاوضوه ليبيع ويشتري في الأمم فأبى، خافوه فأعدموه فكان طليعة شهداء الحزب السوري القومي الاجتماعي. إنّ حزباً زعيمه شهيد لا خوف عليه، بل إنه سرّ الديمومة والاستمرارية، وببركة الشهداء الذين استشهدوا في خط المقاومة والتحرير وفي مواجهة دواعش العصر التكفيريين في سورية وفي لبنان، سيبقى هذا الحزب في طليعة المقاومين”.
وتطرق إلى المناورة التي نظمتها العلاقات الإعلامية في حزب الله الأسبوع الماضي في جنوب لبنان، وقال: “هناك من أزعجتهم هذه المناورة، وقبل ذلك أزعجهم أننا قمنا بزيارات لرجال الدين المسيحيين من بطاركة ومطارنة في مليتا وجبل صافي. أسأل هؤلاء: ماذا تريدون؟ هل تنزعجون من الوحدة والتفاهم والحوار بين اللبنانيين؟ نحن ندرك أنّ مصدر انزعاجكم هو سلاح مقاومتنا لأنه مخالف لنهجكم وتاريخكم وميليشياتكم التي صنعت المجازر والفتنة في لبنان”.
ولفت إلى أنّ هؤلاء “قبل حزب الله كانوا يرفضون الحزب السوري القومي الاجتماعي وكانوا يواجهونه. إذاً، منذ البداية هذا النهج وهذا الخط هو خط منحرف يتماهى مع الاحتلال والاستعمار ضدّ مصلحة الوطن، ولعله مع نسياننا لكثير من الأمور لا يزال قسم كبير في ذلك الخط وذلك النهج، وإن تكلموا وتفلسفوا عن وحدة لبنان ومصيره وحريته. لكنّنا وإياكم في الحزب السوري القومي الاجتماعي، أنجزنا بدماء شهدائنا التحرير الأول وهو الجنوب، وأقول التحرير الأول لأننا وإذ نصلي وبوصلتنا نحو الكعبة في الصلاة، لكنّ بوصلتنا السياسية والجهادية لا تزال فلسطين والقدس، ونحن نُنشئ أجيالاً تحت شعار حرباً حرباً حتى النصر، زحفاً زحفاً نحو القدس”.
وتابع الخنسا: “إذا كان الحزب القومي يريد توحيد سورية الطبيعية، فنحن نتماهى معه في مشروع محور المقاومة ولعلنا وإياه نستطيع أن نبني مشروعاً مقاوماً يطوّق إسرائيل ويزيل هذه الغدة السرطانية، بالتعاون وبجهود مباركة من شعب فلسطين المقاوم المجاهد الذي يعطي دروساً في العزة والكرامة كل يوم”.
وأكد أهمية عودة سورية إلى لعب دورها المحوري العربي، وقال: “جميل أن يعود العرب إلى سورية، وجميل أن تعود سورية إلى الجامعة العربية والأجمل ما قرأناه حول دور المقاومة وحريتها في البيان الأخير الذي صدر من جدة وإن كان بأسلوب معين ولكنه مهم على المستوى السياسي، والأهم أنه ذكر حقنا في مقاومة الاحتلال في ما تبقى من أرضنا، وطبعاً بالنسبة لنا فإننا نعتبر فلسطين، كلّ فلسطين، من أراضي الأمة، والأمة لها دين في أعناقنا، لذلك نحن مستمرّون في دفع الدماء من أجل دفع هذا الدين الكبير، وطريقنا طويل”.
الجهاد الإسلامي
ثم تحدث عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي ومسؤول الساحة اللبنانية علي أبو شاهين، فقال: “نشهد اليوم تحولاً حقيقياً في مسار المقاومة الصاعد نحو النصر الأكيد. فأمام صمود غزة في معركة “ثأر الأحرار” والمناورة العسكرية لإخواننا في حزب الله على حدود أراضينا المحتلة في الجنوب اللبناني، أدرك العدو أنه يخسر شيئاً فشيئاً ميزان الردع الذي لطالما خاض الحروب لتثبيته”.
وشدّد على “أن تكامل قوى المقاومة، وتنسيقها الدائم والمستمر، واستعدادها الميداني لإيلام العدو، أسقط رهانات العدو على الاستفراد بالساحات، واحدة تلو الأخرى. وقد رفعنا في الجهاد الإسلامي، شعار وحدة الساحات، وخضنا معركة لتثبيت هذا الشعار، في الداخل الفلسطيني، على امتداد فلسطين. وجاءت معركة (ثأر الأحرار) لتؤكد على وحدة الساحات، بل ولترسل للعدو رسالة واضحة بأننا ماضون نحو وحدة الجبهات”.
ولفت إلى “أنّ النقاش لم يعد محتدماً أو مطروحاً بقوة اليوم حول المفاضلة بين خيار المقاومة – خيار اقتلوهم وقاتلوهم- وبين خيار التسوية خيار ساوموهم واجنحوا لسلمهم. فبعد أن أخذ خيار التسوية كل فرصه (من كامب ديفيد إلى أوسلو فوادي عربة وواي ريفر… وصولاً إلى اتفاقيات التطبيع) بعد أن أخذ كل فرصه خرج أصحاب ومؤيدو هذا الخيار ولسان حالهم يعبّر وبذرف الدموع أحياناً عن خيبة أملهم وما وجدوه من وعود كاذبة بعد كل ما قدموه من تنازلات مجانية في مقابل خيار المقاومة الذي حقق انتصارات واضحة وإنجازات ملموسة سواء في لبنان أو في فلسطين، ليصبح منطق المقاومة هو الخيار السائد ليس على مستوى عموم شعوبنا فحسب، بل على مستوى معظم نخبها أيضاً، ونموذج الضفة اليوم خير مثال، لينتقل النقاش حول استراتيجيات وتكتيكات المقاومة نفسها وتحت سقفها وخيارها”.
وسأل: ” فهل نتبنى استراتيجية القتال المستمر، والمشاغلة والاشتباك الدائم ورد الصاع صاعين، والرد على الاعتداءات، أم استراتيجية الانتظار وامتصاص الاعتداءات وغض الطرف عن مخططات العدو ومراكمة فائض قوة أو تحقيق توازن بانتظار معركة التحرير الحاسمة”؟
وتابع: “إننا في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، نؤمن بأن مشاغلة العدو، واستنزافه، ومنعه من الاستقرار فوق أرضنا، أو منحه الفرصة لالتقاط أنفاسه وتثبيت دعائم مشروعه، هي الاستراتيجية الأمضى والأنسب في التعامل مع الكيان الغاصب، وكما أعلنها أميننا العام، القائد المجاهد زياد النخالة، فإننا سنرد القصف بالقصف، والاغتيال بالقصف. وإن قصف تل أبيب لدينا مثل قصف سديروت، سواء بسواء. وإن أرضنا الفلسطينية واحدة لا تتجزأ. ولما ظن هذا العدو أنه يستطيع عزل غزة تحت مقايضة الأمن بالاقتصاد؛ جاءه رد الجهاد الإسلامي في وحدة الساحات، لترد عليه مقايضته. وإنا لمستمرون”.
وأكد “أن وحدتنا الميدانية وتكاملنا هما أساس نجاحنا وقوتنا”، لافتاً إلى “أن الرهان على كسب الوقت لمراكمة القوة يمنح العدو بالمثل وقتاً لتمرير مخططاته الاستيطانية وتثبيت دعائمه في القدس، وتسريع خطواته باتجاه المسجد الأقصى المبارك”.
حركة أمل
ووجه عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل النائب د. قبلان قبلان “التحية إلى صناع هذا اليوم، إلى صناع انتصار 25 أيار من الشهداء والجرحى والأسرى في كل حركة أو حزب لبناني أو فلسطيني، إلى سورية البطلة التي لم يطلق أحد رصاصة في جنوب لبنان نحو عدونا إلا وكانت إما صناعة سورية أو جاءت عبر الحدود السورية. إلى الإخوة في الجزائر الذين أهدونا الطلقات الأولى التي أطلقناها على العدو وجاءت يومها أيضاً عبر الحدود السورية، إلى الإخوة في الجمهورية الإسلامية في إيران الذين ناصروا ودعموا هذه المسيرة، إلى كل حرّ في عالمنا العربي حمل القضايا الكبرى وآمن بها وناضل من أجلها”.
وقال: “هي مناسبة انتصر فيها مشروع على مشروع، ذلك أنّ الصراع في هذه الأمة هو بين مشروعين متناقضين. كانوا يقولون لنا أنّ قوة لبنان في ضعفه، وأنّ العين لن تقاوم المخرز وأن إسرائيل دولة قوية تملك من الطائرات والدبابات والسلاح ما لا طاقة لكم على مواجهته، فاذهبوا إلى اتفاق من هنا أو معاهدة من هناك وأديروا ظهركم للعدو”.
وأضاف: “عندما أدرنا وجهنا لهذا العدو كانت رصاصاته تدخل صدورنا وسقط منا شهداء، ولكنّ النصر صُنع على أيدي هؤلاء الشهداء ولم نقتل في ظهورنا ولم نصنع هزيمة أو انسحاباً أو انتحاراً. هذا النصر صنعته الدماء، ولا نصر من دون دماء، وأبشروا أيها الفلسطينيون فإنكم قاب قوسين أو أدنى من النصر لأنّ منسوب الدماء زاد لديكم. بدماء شهداء قرى الجنوب صنعنا هذا الانتصار الذي غيّر تاريخ الأمة، فلا نريد بعد اليوم أن نحيي ذكرى نكبة ولا نكسة، نريد أن نحتفل فقط بالانتصار، هذا الانتصار الذي كان على أعتى وأقوى جيش في هذه المنطقة وغيّر المعادلات. فلتتبدل معادلات الكليات الحربية وتسقط معادلة طائرة مقابل طائرة، أو دبابة مقابل دبابة، أو بندقية مقابل بندقية، ولتكن إرادة مقابل جيش وتمسك بحق في وجه محتل وإرادة وصمود ومواجهة لعدو غاشم يريد لنا الإذلال ولأرضنا الاحتلال”.
وتابع قبلان: “منذ انسحاب إسرائيل عام 2000 لم يتراجع هذا المشروع عن العمل لاستعادة هيبة الجيش الذي قُهر واستعادة قدرته بعد الهزيمة، لذلك نجد أن إسرائيل تعمل مع أصحاب هذا المشروع على سلسلة من الاستهدافات في كل مكان وفي كل مجال. وقد قالها الإمام الصدر يوماً بأنّ أقوى سلاح في يد إسرائيل هو الفرقة والفتنة وأقوى سلاح في أيدي من يواجهونها هو الوحدة في كل المجالات. إنّ وحدة كل الساحات وكل المؤمنين بحقهم في مقاومة العدو هي التي ستصنع الانتصار والتحرير وكل خلاف في أي مجال وأي مدى هو خدمة مجانية لهذا العدو وهو تخل عن وسائل القوة والعزة”.
وختم قبلان: “نحن اليوم في لبنان نشمخ برؤوسنا على الجميع ونقول لهم: نحن بقلة عددنا وضعف عدتنا وتجمع القوى ضدنا، انتصرنا. وأنتم بآلاف الطائرات وعشرات آلاف الدبابات وملايين الجنود ومالكم وما تملكون خسرتم وانتصرنا فوق أرض الجنوب. كما أننا نقارب أي ملف من الملفات في أي قضية كانت على مستوى لبنان أو على مستوى الوطن العربي من هذا المفهوم، أن إسرائيل هي العدو، كانت وما زالت وستبقى ولا يمكن لأحد في هذه الدنيا أن يغير هذا المفهوم أو أن يحول إسرائيل من عدو إلى صديق. لا التطبيع ولا أي موقف من المواقف. لن نخون شعبنا ولا قضيتنا وستبقى القدس بوصلتنا وفلسطين همنا حتى تحريرها.
“القومي”
وألقى نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين وائل الحسنية كلمة قال فيها: أرضٌ تنتهك سيادتها، دباباتٌ تزمجر، وتتمختر على ترابنا، طائراتٌ تزبد وترعد في سمائنا، تدمّر، تقتل، تفتك في أخضرنا ويابسنا…
عاصمتنا تُحتلّ، واتفاقات ذلٍّ يبدأ البعض في كتابتها هزيمةً تسجّل على شعبنا وأمّتنا.
وسط كلّ ذلك، يقف البعض على شواطئ البحور مهلّلاً ومرحّباً بالعدوّ، فاتحاً له مكاتب التنسيق. وبعضٌ آخر خائفٌ على المصير، بينما نهضت قلةٌ قليلةٌ، كطائر الفينيق، مؤكدة أنّ سماء أمتنا تنطق بعزّتها وعنفها وعنفوانها، وأنّ أرضنا لا تروي إلاّ حكايات المجد والبطولة… فعلى كلّ حجرٍ نقطة دمٍ وفوق كلّ رابيةٍ وقفة عزّ، وعلى كلّ صخرة، نكتب حكاية غازٍ قُهر واندحر.
فئةٌ حملت دمَها على كفّها، مستصغرةً قدرة المحتلّ مقرّرةً كسر مخرزه، معلنةً انطلاق المقاومة في وجهه في 21 تموز 1982، بإطلاق صواريخ الكاتيوشا على مستعمراته من سوق الخان في حاصبيا فأسقطت عملية “سلامة جليل”.
وعندما تقدّم جيش المحتلّ إلى محيط بيروت، فوجئ بمقاومةٍ باسلةٍ في خلدة والشويفات والأوزاعي والمتحف.
دخلت جحافل العدو إلى بيروت بعد أن نصّبت رئيساً للجمهورية، لكي يتوّج، ما توهّمه انتصاراً عسكرياً بانتصارٍ سياسيّ، لكنّ المقاومة نسفتهُ ليذهبَ ومشروعه والمشروع الاستعماريّ للاحتلال إلى غير رجعة.
سارعت دولة الاحتلال إلى الثأر، فنفذت مع عملائها المحليّين مجزرة لم يسبق لها مثيل في صبرا وشاتيلا، لكنّ الإرادة الحيّة والقلب المفعم بالقوة، كانا أقوى من إرهابهم، وبدل أن ترهب مجزرتهم إنساننا شحنته بقوةٍ وعزمٍ على ردّ كيد المعتدين، عبّرت عنهما رصاصات الرفيق الشهيد خالد علوان على أرض الويمبي ليرديهم قتلى وجرحى، وتستعر بعدها العمليات القتالية في بيروت وعاليه ومعصريتي وعين زحلتا وجبل الباروك.
كانت المقاومة النواة الأساسية لحماية لبنان من جلّاديه وبدأت المقاومة تكبر من مجموعةٍ صغيرةٍ إلى معظم الشعب يلتفّ حولها، يحميها ويدافع عنها، ويفتح منازله لها، فأصبح مصدر قوّتها ذلك الإيمان العميق الذي يملأ قلوب وعقول أبناء شعبنا بأنهم أصحاب الحقّ وأهله يدافعون عنه بأشفار العيون ويفتدونه بكلّ ما يملكون، ليرى العالم كلّه أننا أمةٌ تحبّ الحياة لأنها تحبّ الحرية، وتحبّ الموت متى كان الموت طريقاً للحياة.
وبعد خروج الاحتلال مرغماً من بيروت، لاحقته المقاومة بأسلوبٍ جديدٍ لم يعهدْه جيشه من قبلْ، فتحوّلت الأجساد الطاهرة إلى قنابل انشطاريةٍ تنفجر في وجهه، وأصبح الاستشهاديون يتسابقون في ما بينهم أيهم يرتقي أولاً.
فكان وجدي الصايغ، لتلتحق به سناء وابتسام، ثمّ خالد وباقي كوكبة الاستشهاديين.
وقال الحسنية: جميعنا يعلم أنّ كلّ أزمات المنطقة ما هي إلاّ نتيجة هذا الكيان الصهيونيّ المزروع في أرضنا المقرّر اقتلاع شعبنا في فلسطين ليُحِلّ محلّه عصاباتٍ مجتمعةٍ من كلّ شتات الأرض، لذلك لا مجال لنا إلاّ باقتلاع هذه الغدة السرطانية، فلا مجال للتعايش معها لأنّ صراعنا مع العدوّ هو صراع وجودٍ لا صراع حدودٍ، وسنبقى نقاتل حتى تصرع إحدى القوتين القوة الأخرى، ونحن واثقون بأننا سنصرعهم وندفعهم للعودة إلى حيث كانوا شتاتاً، لتعود فلسطين، كلّ فلسطينْ، إلى أهلها.
لقد عرضت ما قام به أبطال الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعي لأؤكّد أنّ لنا في التحرير بصمةٌ وفي النصر حصّة .
عرضت ذلك، لأؤكّد أيضاً أننا كنا في ساح الجهاد بالأمس ولم نزل فيها وسنبقى فيها غداً وأبداً، ولكيْ أقول لمنْ ينادي بعودتنا إلى ساح الجهاد إنّه غبيٌّ مفلسٌ لا يعرف أنّ الحزب ونضالاته كلها ساحٌ للجهاد، وهو لم يبرحْ هذه الساحْ ليعود إليها.
ولا يُخفى على أحدٍ أنّ الثبات على نهج المقاومة يتطلب أن يدفع كلّ أحزابها وقواها ضريبةً لذلك، مع أنه ليس هناك من ضريبةٍ تفيها حقّها، فالآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى ما وضعوا كلّ سلامتهم في قلب الصراع من أجل هدفٍ ضيّقٍ ومحدودْ، إنما أرادوا أن ينتصروا لكلّ الوطن ولكلّ أبنائهْ.
ولا ننسى مقاومة حركة أمل وما قدّمتْه من تضحياتٍ في وجه العدوّ، ولا الإخوة في المقاومة الفلسطينية من حركة فتحْ إلى الجّبهتين الشعبية والديمقراطية إلى حركتيْ الجهاد وحماس، إلى بقية الفصائل الفلسطينية، إلى الإخوة “المرابطون” ورفاقنا في الحزب الشيوعي، ثم جاء حزب الله لنشكّل معاً مقاومةً تغيّر المعادلات، فتخضع العدوّ لتوازنٍ استراتيجيٍّ لا بل توازن رعبٍ استطاعتْ بواسطته أن تحمي لبنان وكافة مؤسّساته، وأحد أبرز تجلّياته كان إرغام العدوّ على الاعتراف بجزءٍ من حقّنا في نفطنا في بحرنا .
إنّ هذه المقاومة لم تعدْ حكراً على حزب الله فهي سلاحٌ لكلّ لبناني حرّ، وحماية سلاحها واجبٌ وطنيٌّ على كلّ مواطنٍ مخلص… وإلى أولئك الّذين يحرّضون على المقاومة وسلاحها ويحاولون تجريد لبنان من قوّته نقول: إنّ اليد التي ستمتدّ إلى سلاح المقاومة ستقطعْ، لأنها يدٌ إسرائيلية الهوية لبنانية اللسانْ.
لهؤلاء نقولْ: قبل أنْ تطالبوا بسحب سلاح المقاومة فكّوا القيود عن تسليح الجيش اللبنانيّ وسلّموه الأسلحة القادرة على قتال العدوّ، لا بلْ اسمحوا له بأنْ يقتني أسلحةً متطوّرةً، من أيّ جهةٍ كانتْ، بدلاً من أنْ تتركوه تحت رحمة أميركا تسلّحه بما يتوافق مع ما تسمّيه “أمن” كيان عدونا الغاشم، لا بما تقتضيه حاجة الدفاع عن البلد.
وأوضح الحسنية أنّ المقاومة لم تواجه العدوّ اليهوديّ فحسب، بل دفعنا ثمناً غالياً من أجل استقلال لبنانْ، وارتقى لنا في معركة الاستقلال الشهيد القوميّ الاجتماعيّ الوحيد سعيد فخر الدين الذي بذل دمه منْ أجل لبنان الموحّد لجميع أبنائه، بكلّ طوائفه ومذاهبه ومكوّناته. وقدّمنا ما قدّمنا من شهداء وجرحى إلى جانب حلفائنا في القوى الوطنية لنمنع تقسيمه ونحافظ على وحدته. لذلك نحن نرفض رفضاً قاطعاً التفكير في العودة إلى مشاريع الفدرلة والتقسيمْ، التي يروّج لها أصحاب منطق الدويلات والكانتونات الراغبين في خروج لبنان عن محيطه.
نحن شعبٌ واحدٌ في وطنٍ واحدٍ لكلّ أبنائهْ، فلسنا من حضارتين مختلفتينْ، وليست لنا عاداتٍ أو تقاليد مختلفة، فهذا المنطق خرّب لبنان سابقاً ويدفعه إلى الخراب مجدّداً حيث يدّعي المروّجون له أنْ لا إمكانية للتعايش بين اللبنانيين، وإننا من هنا ندعو هؤلاء، إن كانوا راغبين في رؤية مشهد الانصهار الحقيقيّ، إلى الحضور إلى هذه الصالة ليروا كيف تجتمع المذاهب والطوائف تحت لواء عقيدة أنطون سعاده .
سياسياً، وفي خضمّ التطورات والمتغيّرات التي تشهدها المنطقة والإقليمْ، بل العالم بأسرهْ، فإننا نطالب بالإسراع في انتخاب رئيسٍ للجمهورية، اليوم قبل الغدْ، رئيسٌ يطبّق الدستور، وهو الذي سوف يقسم على حمايته والتقيّد به، كونه الطريق الوحيد إلى وحدة البلدْ، وأقولها بأسفٍ شديد إنّ معظم الرؤساء الذين انتخبوا في لبنان بعد الطائفْ انخرطوا في المحاصصة المذهبية المكرّسة في هذا النظام العفنْ، وقدْ استعانوا بالدستور المشوّه لحماية مصالحهمْ وليس وطنهم.
وهنا نسأل: أين قانون الأحزاب؟ أين قانون الانتخابات البرلمانية خارج القيد الطائفيّ؟ أين اللامركزية الإدارية التي تّسهّل على المواطنين إنجاز معاملاتهم دون عناء الانتقال؟ أين الإنماء المتوازن؟ أليس هذا ما نصّ عليه اتفاق الطائف؟
فلنطبّقْ ذلك ونخرج من المشاريع الوهمية التي تميّز بين أبناء المجتمع الواحد، حرصاً على دماء الشهداء وتضحياتهم، لأنّنا لم ولن نسمح لكم بتمرير مركزيتكم ولا فدراليتكم.
لقد شكّل انتصار أيار من العام 2000 دفعةً معنويةً ذات مقدارٍ استثنائيّ، فانطلقتْ تيمّناً به الانتفاضة المباركة في أرض فلسطين بعد أقلّ من ثلاثة أشهرٍ، لترسل إلى الكيان الغاصب رسالةً واضحة المعالم مفادها: كما تمكّن أبناء أمتنا في لبنان من قهر الاحتلال وإرغامه على الانسحاب دون قيدٍ أو شرط، فنحن أيضاً قادرون على تحقيق الغاية نفسها.
واستمرت أعمال المقاومة داخل الأرض المحتلة، وتطوّرتْ أدواتها، وتنوّعتْ أساليبها، حتى تمكّنتْ من فرض توازن رعبٍ جديدٍ حول الغّدة السرطانية المسمّاة “إسرائيل” من كيانٍ يسرح ويرتع من دون رادعٍ، إلى ذليلٍ منهزمٍ يستجديْ الوساطات لوقف عمليات المقاومة وصواريخها.
فالتحية الكبرى لأهلنا داخل الأرض المحتلة الذين يثبتون كلّ يوم أنّهم أهل المقاومة ومصدرها، وأنهم عصب الانتصار وقوّته.
ولأنها كانت ذلك الحامي والراعي لكلّ مقاومٍ في أمتنا، كانت الحرب العالمية الجديدة التي استهدفت الشام أرضاً وشعباً وجيشاً ومؤسسات. فما كان من دمشق إلا أن أعلنت النفير العظيم، وأخذت تتصدّى لأعتى حربٍ استهدفتها.
فعندما خيّرت الشام بين ثوابتها وبين أن تنال ما لم يخطر لها على بال، اختارت أن تقبض على الجمر ولو لحين، لأنها كانت في قرارة نفسها تعلم أنما النصر صبر ساعة.
وعلى الرغم من طول سنوات الحربْ، بقيت دمشق هي هي، ملاذ المقاومي، وعضد المجاهدين، والحضن الدافئ لكلّ شريف.
وإننا نرى في حضور الشام مؤخراً للقمة العربية في جدة، والخطاب الهادئ الرزين للرئيس بشار الأسد، إشارةً واضحةً إلى انتصارٍ جديدٍ يضاف إلى انتصارات أمتنا تمثّل في تسليم كلّ من حاول إقصاء دمشق بحقيقة أنها صاحبة الحضور الأقوى والأكثر تميزاً وثباتاً.
فالتحية موصولةٌ إلى الشامْ، قيادةً وشعباً وجيشاً ومؤسسات، الذين بفضل وحدتهم وتماسكهم ودقة بوصلتهم تمكنوا من إنقاذ البلاد من أعنف وأشرس مؤامرةٍ استهدفتها.
لأننا نرفض أن يبقى هذا الاحتفال منقوصاً، فهذا عهدُنا لأمّتنا وشعبنا أن نبقى عصب ساحات الجهاد لتحرير كامل التراب القوميّ.
بهذا الإيمان نحن ما نحنْ، وبهذا الإيمان سنبقى، وبما نحن، وبما سنبقى، سيظلّ هتافنا في العالم يدوّي لتحيْ سورية وليحيْ سعاده…