الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد كبير من العلماء زار ضريح مفتي الجمهورية الشهيد الشيخ حسن خالد في منطقة الأوزاعي
زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد كبير من العلماء ضريح مفتي الجمهورية الشهيد الشيخ حسن خالد في منطقة الأوزاعي بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لاستشهاده بحضور النائب وضاح الصادق ورئيس المحاكم الشرعية السنية الدكتور الشيخ محمد عساف وممثل السفارة السعودية في لبنان بجاد العتيبي والقاضي الشيخ خلدون عريمط والمدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ محمد أنيس الاروادي والمفتش العام للأوقاف الشيخ أسامة حداد والمدير الإداري لدار الفتوى الشيخ صلاح الدين فخري والمدير العام لازهر لبنان الشيخ يوسف إدريس ومدير المركز الصحي العام لدار الفتوى الشيخ محمود الخطيب والمدير العام لمؤسسات محمد خالد الاجتماعية الشيخ احمد دندن ومدير مدرسة الجيل الجديد الشيخ إبراهيم خالد وإمام مسجد الأوزاعي الشيخ هشام خليفة والدكتور الشيخ احمد فارس والشيخ بلال الملا ورئيس مؤسسة المفتي الشهيد المهندس سعد الدين خالد والنائب السابق عمار حوري ووفد من مؤسسة مخزومي وجمعية بادر والمرابطون والعديد من الشخصيات، وبعد تلاوة آيات من القرآن الكريم للشيخ حسن مرعب مساعد المفتش العام للأوقاف قرأ الحاضرون الفاتحة عن روح الشهيد الطاهرة بحضور عائلة الفقيد.
وأصدر المفتي دريان البيان الاتي: تحُلُّ ذكرى استشهاد المفتي الشيخ حسن خالد رحمه الله تعالى هذا العام، وهي ليسَتْ ككُلِّ عام. لأنَّه كُلَّمَا ازدادَتِ المًصَاعِبُ، اِعتصمنا بالأملِ والثِّقَةِ باللهِ عزَّ وجلّ، كما كان يفعل شهيدنا الكبير. في الغزوِ الإسرائيليِّ وما بعدَه حيث ذهب للملعبِ البلدِي ليقولَ أمامَ الجماهيرِ الحاشِدة: انه يرفُضُ الاحتلال، ويدعو لِمُقاوَمَتِه وَدَحرِه.
وفي تحدِّياتِ ما بَعدَ الغَزوِ، أقدمْ مع العَلَمِ الرَّاحِلِ سماحةِ الإمام الشيخ محمد مَهدي شمس الدين على إصدارِ وثيقةِ الثَّوَابِتِ العَشرِ، عَهدًا للمواطنين اللبنانيين بكُلِّ طَوَائفِهِم على الأَمَانَةِ لِلوَطَن، والعملِ المُستَدَامِ ليكونَ بلدُ العيشِ المُشتَرَكِ وطنًا نهائيًّا لجميع أبنائه، وهو حَقٌّ وواجبٌ عليهم ولهم، بعيدًا عن نَزَغَاتِ شَيَاطِينِ الفِتَنِ والحُروب، وَصُنَّاعِ الشَّقَاءِ للأوطانِ والنَّاس.
ووسطَ الخُطوبِ الكُبرى في الحربِ الدَّاخِلِيَّة سعى بِدونِ كَلَلٍ على مدى أعوامٍ معَ الزَّعَامَاتِ الدِّينِيَّةِ الأخرى، وَمعَ القَادَةِ العَرَب مِن أجلِ إنهاءِ الحرب، وإحلالِ السلامِ والوئامِ بينَ النَّاس، شاءَ مُحِبُّو السيطرةِ أو أَبَوا.
في ذكراه هذا العام، هي كما قُلتُ ليسَتْ كَكُلِّ عام، لأنَّ مصائبَنَا في الطَّبَقَةِ السياسيَّةِ، والمسؤولين الإداريين، والمُشرِفِين على المَصَارِفِ والاقتصاد، وتَتَجاوَزُ في أحوالِها كلَّ ما عرفناه سابقًا. لذلك نسألُ: ماذا كان المفتي حسن خالد لِيَفعلَ لو شَهِدَ مَا نَشهَدُه مُنذُ أعوام؟. ما كان لِيسكُتَ عَن هذا القُبحِ الجَارِي والمُسَيطِر، وما كانَ لِيَستَكِينَ حتى يُحِقَّ الحَقَّ ويتَصَدَّى لِلبَاطِلِ الظَّالِمِ لِلوَطَنِ والمُوَاطِنِين.
سيبقى الشهيدُ الكبير القُدوَةَ وَالمِثَال. وقد جاءَ في الأَثَر: ألْسِنَةُ الخَلْقِ أَقلامُ الحَقِّ. ونحن شُهودٌ على سيرتِه العَطِرَة، وأمَانَتِه النَّادِرَةِ المِثَال، وأخلاقِه في النُّبْلِ والشَّجَاعَة، والإيمانِ المُنقَطِعِ النَّظِيرِ بِرَحمَةِ اللهِ سُبحانَه وتعالى، وَعِنَايَتَهِ وَفَضلِه.
لقد أَقْبَلَتْ عَليه الشَّهادَةُ فمَا تَرَدَّد، وَلا خَضَع، وَلا تَخَاذَل أَمامَ مَطالِبِ الوَطَنِ وَالمُواطِنِين، وَتَحَلَى – كما كان على الدَّوام – بأَخلاقِ الاعتِقاد، وَأَخلاقِ الثِّقَةِ وَالمَسؤُولِيَّة، ولذلكَ بَقِي الرَّجُلُ الجَليلُ في قلوبِنَا وَأَخلادِنَا. وإنَّنَا بِالهِمَّةِ المَشهُودَةِ له وَعَنه نوَاجِهُ مَصَاعِبَ اليومِ والغَد. لا نَتَخَلَّى عَنْ مُوَاطِنِينَا وَضُعَفَائنا، وَلا نَتَنَكَّرُ لِلوَطَنِ الذي أَحْبه واستشهَد مِن أَجلِه، قال تعالى في محكم تنزيله: (إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَد مَسَّ القَومَ قَرحٌ مِثلُه. وَتِلكَ الأيَّامُ نُداوِلُهَا بَينَ النَّاسِ. وَلِيَعلَمَ اللهُ الذين آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَدَاءَ، واللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِين)
وقال المهندس سعد الدين خالد رئيس مؤسسة المفتي الشهيد حسن خالد:
أربع وثلاثون عاما مضت على غياب هذه القامة الدينية والوطنية الكبيرة التي ما زالت ذكراه حاضرة في قلوب ووجدان اللبنانيين والعرب بجميع أطيافهم ومشاربهم الذين يعرفون قيمة معادن الرجال. نقف معكم في هذا المكان الذي يحمل أسمى معاني العطاء والتضحية لنستذكر مواقفه وكلماته وأدبياته وأخلاقياته في التعامل والتواصل والعدالة والحوار وإنجازاته الإسلامية والوطنية والعربية.
لقد أرسى المفتي الشهيد خلال حياته قواعد العدالة القائمة على التحرر من العصبية والتخلف والجهل، وعمل منذ بداية حياته العملية على زرع الوسطية والاعتدال والفضيلة والإلتزام بمبادئ الشريعة ومقاصدها إضافةً إلى زرع التعاطف والمحبة بين المسلمين ببعضهم البعض ومع سائر اللبنانيين حفاظاً على الوطن.
دعا إلى إصلاح النظام اللبناني ومؤسساته تحت سقف العدالة والمساواة وحفظ الحقوق والالتزام بالواجبات.
لقد تميز المفتي الشهيد بالإعتدال في شخصيته وسلوكه وفكره وقراراته حيث كان تفكيره أقرب إلى عقول الحكماء، وقلبه وسلوكه من وحي كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وبهذه الشخصية المثالية إستطاع أن يدمج العقل والقلب والإيمان في شخصية طبعت كل تصرفاته وقراراته.
هناك من الأشخاص من يلد ويموت دون بصمة يخلدون بها … وهناك من يترك بصماته في كل موقع وفي كل مكان من العطاء والخير والوطنية والرجولة وتقوى الله، هذا هو الشهيد في الدنيا والآخرة حي يرزق كما قال سبحانه وتعالى مصبعًا نعمه على الشهيد سماحة الشيخ حسن خالد، والذي يعزينا أن الله اختاره قبل أن يرى ما آلت إليه أحوال الأمة من ضياع وسقوط وإنهيار، وجلبه سبحانه أن يموت قهرا وحسرة عليها، واصطفاه ليكون مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.