جعجع لايشاطر غلاة التفاؤل في انعكاسات بالغة الايجابية على لبنان نتيجة الاتفاق الايراني- السعودي
لا يشاطر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع غلاة التفاؤل في انعكاسات بالغة الايجابية على لبنان نتيجة الاتفاق الايراني- السعودي، ولا يتوانى عن ابداء تحفظه ازاء مسارعة البعض الى اعتبار ان التسوية ابرمت والانفراج اللبناني بات قاب قوسين. ويفضل الانتظار والتريث، أقله لمدة الشهرين المحددين في نص الاتفاق للبناء على نتائج مرحلة اختبار النيات ومدى الالتزام الايراني بالتعهدات وجدية تنفيذها على ارض الواقع.
في حديث لـ”المركزية” يشرح جعجع ان الواضح من الاتفاق، وليس ما يحاك حوله، ان عنوانه العريض اعادة العلاقات الى سابق عهدها مع كل ما تحمل من فرص جديدة للمنطقة، استنادا الى مبدأين اساسيين وردا على لسان اكثر من مسؤول سعودي، مقابل صمت ايراني مطبق: احترام سيادة الدول وسلامة الجوار، والعمل بالاعراف الدولية والقانون الدولي. الترجمة الفعلية الاولى تجلّت في اليمن من خلال وقف الامدادات الايرانية الى الحوثيين. ما يعني عمليا ان المبدأين يعنيان وقف ايران دعمها لكل الميليشيات في كل الدول الاخرى انطلاقا من وجوب احترام السيادة وحسن الجوار والعمل بالقانون الدولي. ويقول: على ذمة الروايات المتناقلة، بدأت في الضاحية الجنوبية لبيروت عملية “ضبضبة” المعارضة البحرينية وجماعة الحوثيين. وهذا مؤشر الى مسار الاتفاق. بيد ان السؤال المطروح هو “هل سيترجم الاتفاق فعليا ؟ لا اعرف، وابقى في موقع المتحفظ في انتظار ما ستحمله الايام والاسابيع المقبلة ،لرصد ما يجري على ارض الواقع من خطوات عملية وحساسة. وأسأل بعد: كيف سيترجم ؟ يفترض على غرار ما يجري في اليمن، اي سحب يدها ودعمها لكل الميليشيات غير الشرعية في سائر الدول لا سيما سوريا والعراق ولبنان ، هذا ان اكتملت الترجمة في اليمن، ذلك ان ثمة خطوات اخرى كثيرة مطلوبة هناك.
في شأن ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني، يضيف جعجع: بعد نحو اسبوع على الاتفاق، لم نلمس اي تبدّل في المواقف والمعطيات. وفي اعتقادي، ان الاتفاق لن يؤثر على محور الممانعة على ارض الواقع، حتى ان الرئيس نبيه بري ومسؤولي حزب الله يبدو تمسكوا اكثر بسليمان فرنجيه، خصوصا ان الزمن ليس لصالحهم بحسب الظاهر من الاتفاق. ويعتبر ان امين عام حزب الله لم يكن على علم بما يدور في الفلك الاقليمي، بدليل انه قال في خطابه ما قبل الاخير ما مفاده، ان من يراهن على اتفاق السعودية وايران لحل ازمة الرئاسة عليه ان ينتظر كثيرا جدا.
عما يتردد عن ان رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط يسوق مجددا للحوار ويطرح اسماء للرئاسة يعتبرها على قدر المرحلة كشبلي الملاط وجهاد ازعور، يقول جعجع: الصديق وليد جنبلاط يكره الفراغ ويحاول تعبئته بما تيسّر، لكنني لا ارى شيئا من هذا القبيل. لدينا مرشحنا الصلب الاصلاحي السيادي ولن نتخلى عنه. اقصى امنياتنا التفاهم مع الفريق الاخر، لكن وحتى اشعار أخر، اعتقد ان هذا الفريق لا يريد رئيسا جديا قويا صلبا ، في افضل الاحوال قد يقبل برئيس تكنوقراط لا حول ولا قوة له في السياسة، هذا ما نرفضه لانه لا يحل المشكلة في ظل انتخابات رئاسية محورية . وحتى اشعار اخر سنبقى على تمسكنا برئيس فعلي قادر على التغيير.
على ضفة استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والادعاء عليه في سابقة خطيرة ، يوضح جعجع: الازمة طبعا أبعد من ازمة مصرف مركزي، لكن من دون شك ثمة دور تقني ما للمصرف يمكن ان يسهم في تخفيف تبعات الازمة ككل. وبعد ما جرى خلال الاسبوعين الماضيين، لا سيما قضائيا باتت الحاجة الى حل للحاكمية ضرورة قصوى.اكرر واقول ان دور الحاكمية في الازمة ليس كبيرا، الا انها لو ساهمت في انفراجات بنسبة 10 في المئة، فذلك امر جيد، في انتظار انتخاب رئيس جمهورية واستقامة العمل السياسي. اذاً، واذا ثبتت معلومة ان الحاكم وضع استقالته في تصرف رئيس الحكومة، فثمة ما هو طارئ ومستعجل وخطير. ذلك ان ترك المصرف من دون حاكم امر بالغ الخطورة، ولا يمكن ترك المنصب لنائب الحاكم لتسيير الاعمال في ظل ازمة مالية وجودية. وما سرى على منصب مدير عام الامن العام لا يمكن ان يسري على حاكمية مصرف لبنان. من هنا، واذا قبل رئيس الحكومة الاستقالة او اقيل رياض سلامة، تقع المسؤولية الكبرى على رئيس الحكومة شخصيا والحكومة ان تجد وتعيّن حاكم مصرف اصيلا من خارج المألوف يوحي بالثقة ، وليس على شاكلة الطقم الحاكم، ضروري ان يكون شخصا ابيض ناصعا يملك الخبرة اللازمة ويستعيد الثقة بالحد الادنى وينظم العمل المصرفي . ان امر الحاكمية اليوم ضرورة قصوى لا يجوز التغاضي عنها.
عن التطورات الحدودية وما اثير عن تسلل فسطيني من جنوب لبنان الى داخل اسرائيل لتنفيذ عملية امنية، يعرب جعجع عن قلقه البالغ نسبة للغموض الذي يكتنف الحادثة في مجمل جوانبها، والاهتمام الاسرائيلي بها لدرجة تفقد الطاقم الامني الاسرائيلي برمته الحدود مع لبنان، ويختم: لا استنظف ما حصل وارسم علامات استفهام كثيرة حوله. فليتنبه المعنيون جدا، لأن الوضع في لبنان لا يحتمل اي خطأ.