قرارَيْ المجلس الدستوري رقم ١٩/٢٠٢٢ و١/٢٠٢٣ في الطعنين المقدّمَيْن من مجموعة من النواب التغييريين والمستقلِّين بقانونَيْ رفع السرية المصرفية والموازنة العامة لعام ٢٠٢٢
بتاريخ ٢٠٢٢/١٢/٢٢ و ٢٠٢٣/١/٥ أصدر المجلس الدستوري على التوالي قرارَيْه رقم ١٩/٢٠٢٢ و١/٢٠٢٣ في الطعنين المقدّمَيْن من مجموعة من النواب التغييريين والمستقلِّين بقانونَيْ رفع السرية المصرفية والموازنة العامة لعام ٢٠٢٢.
إن أهمية هذين القرارين انهما الأولين بعد الإنتخابات النيابية الأخيرة وفيهما دلالة واضحة على أن ولوج باب القضاء الدستوري وتفعيل الرقابة على دستورية القوانين بات مُتاحاً أكثر من أي وقت مضى عبر فئة من النواب تسعى إلى التغيير فعلاً وقولاً في مختلف مراحل التشريع والرقابة البرلمانية وتَستَعمل كل الصلاحيات والأدوات المتاحة لها تنفيذاً للوكالة النيابية وتعبيراً عن الإرادة الحقيقية للشعب اللبناني الذي تمثله بدلاً من إغراقه بالخطابات والشعارات في العلن والقيام بنقيضها خلف الأبواب المغلقة .
إن المجلس الدستوري بتشديده في قراريه على وجوب مراعاة مبدأ وضوح المناقشات البرلمانية ذي القيمة الدستورية وإبطاله عبارة لم يقرها مجلس النواب في قانون رفع السرية المصرفية كما اعتباره أن إحدى مواد قانون الموازنة تم إقرارها ضمناً رغم عدم التصويت عليها في مجلس النواب، يكون قد أثبت ممارسة خطيرة فَضَحها الطعنين مفادها أن ما يتم إصداره ونشره من قوانين يختلف عما يقرّه ويصوت عليه مجلس النواب وهو أمر لم يعد مقبولاً أن يستمر.
لقد حقق الطعن الجزئي بقانون رفع السِرّية المصرفية جميع أهدافه تقريباً بسد الثغرات والألاعيب المقصودة في هذا القانون والتي كان هدفها إفراغه من مضمونه، فقد أكد المجلس الدستوري في قراره على عدم الحاجة للمرور بهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان لرفع السِرّية المصرفية وعلى صلاحية النيابات العامة برفع هذه السرية وعلى عدم تطبيق مرور الزمن بالنسبة للجرائم المتعلقة بالمال العام المقترفة من المسؤولين السابقين منذ العام ١٩٨٨.
أما بالنسبة للطعن بقانون الموازنة، فقد أضاء القرار على جسامة المخالفات المتعلقة بعدم إقرار قطع الحساب وتجاوز المهل الدستورية في قانون الموازنة وإبطل عدة مواد تتعلق بالتسويات الضريبية وبالالتفاف على قانون الشراء العام وبمنح وزراء المالية والداخلية والأشغال صلاحية إعفاء من يشاؤون من رسوم الدخول والخروج إلى لبنان وبتمديد تقييد حقوق المالكين في المناطق المجاورة لمرفأ بيروت والذي كان قد اقترحه أحد النواب الملاحقين في ملف انفجار المرفأ كعقاب لأهالي المنطقة وتم دسه في قانون الموازنة.
أمام كل ما تحقَّق، لا بدّ من توجيه التحية إلى جميع النواب الموقِّعِيْن على الطعنَيْن وإلى المحامي نجيب فرحات الذى أعدّ مراجعتَيْ الطعن وإلى كل ساهم وساعد وساند ولو بكلمة حق بوجه الحملات القاسية والكاذبة التي كانت تقودها السلطة بوجه هذه الطعون ومُقدِّميْها.