المرتضى: فلسطين حروف ستة هي خلاصة الأبجدية وزبدة الجغرافيا ومختصر الكرامة البشرية
لفت وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى إلى ان “المعركةمع أعداء الإنسانية هي معركة فكرية ثقافية بمقدار ما هي عسكرية واقتصادية وسياسية وأمنية. ولبنان الذي احتضن الجرح الفلسطيني منذ أول نزيفه، يسره اليوم، عشية إحرازه التحرير الثالث، عنيت به تحرير الثروة الغازية والنفطية من أطماع الصهاينة، يسره أن يحتضن الأمل الطالع من ثنايا الكتب وأقلام الأدباء”، مشيرا الى ان فلسطين “التي أرادوها جائزة لغرباء عنها، صارت اليوم جائزة الأدب والقيم والكرامات”.
كلام الوزير المرتضى جاء خلال رعايته الحفل الختامي لفعاليات جائزة فلسطين العالمية للآداب لعام 2022على مسرح رسالات من تنظيم الأمانة العامة لجائزة فلسطين والجمعية اللبنانية للفنون رسالات، في حضور حشد كبير من المثقفين والأدباء جاءوا من دول عربية وأجنبية .
ومما جاء في كلمة الوزير المرتضى التي بدأها مرحبا ثم قال:”فلسطين، حروف ستة هي خلاصة الأبجدية وزبدة الجغرافيا ومختصر الكرامة البشرية.
كل درب فيها حكاية دم وعنفوان، وكل قرية صوت صارخ في الضمائر، وكل غصن شجرة قلم يكتب بمداد النسيم صفحات العروبة المضيئة التي أرادوا تهويدها، فانتفض لها إباء، أولاد قحطان وعدنان وكنعان، إلا قلة من المطبعين.
فلسطين التي أرادوها جائزة لغرباء عنها، صارت اليوم جائزة الأدب والقيم والكرامات، والأجيال التي جهزوا المنافي والمخيمات لتنسيها مفاتيح البيوت وأسماء القرى، ما برحت تعتمر الكوفية وتمسك البندقية وترفع الهوية راية على مطل العودة القريبة إن شاء الله”.
وأضاف:”وإننا لمؤمنون بأن الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، لا بد منتصر في معركة التحرير التي يخوضها بالرصاص والحجر والصفعة والصمود في المعتقلات، وبالأغاني والقصائد والأفلام والمسرحيات ، وبالدأب العلمي الذي لم يعرف كللا، وذلك منذ دخول العصابات الصهيونية إلى أرضه المقدسة.”
وتابع وزير الثقافة:”بالأدب والفكر نشق سبيل الانتصار. وهذا، ما يعرفه العدو معرفة اليقين، ويحتاط له بجميع الوسائل القمعية والخداعية.”
وسأل:”فهل كان العدو الإسرائيلي ليغتال غسان كنفاني مثلا، لولا أن قلمه كان ضاريا في كشف حقيقة الاحتلال ومقاومته، كأي بندقية في يد فدائي؟؟ وهل يسابق العدو أصحاب الأرض الأصليين إلى انتحال تراثهم المادي وغير المادي كما سطا على الأرض وزور التاريخ؟؟، مردفا:”من هنا يتضح أن المعركة مع أعداء الإنسانية هي معركة فكرية ثقافية بمقدار ما هي عسكرية واقتصادية وسياسية وأمنية.
ولبنان الذي احتضن الجرح الفلسطيني منذ أول نزيفه، يسره اليوم، عشية إحرازه التحرير الثالث، عنيت به تحرير الثروة الغازية والنفطية من أطماع الصهاينة، يسره أن يحتضن الأمل الطالع من ثنايا الكتب وأقلام الأدباء.
صحيح أن الكيان المغتصب لم يكن بعد قد احتل هذا الجزء من السيادة اللبنانية، لكنه كان منذ البداية يكابر ويهدد ويماطل ويجري المناورات ويزور الخرائط ويحور الخطوط ويستقدم بواخر التنقيب بقصد وضع اليد على حقوقنا والتمدد في البحر شمالا ما استطاع للاستيلاء على كنوز الماء، ……نعم ايها السيدات والسادة، مارس عدونا كل ذلك حتى جوبه بالموقف اللبناني الموحد المؤيد بقوة المقاومة، فأذعن صاغرا كما فعل عام 2000 وعام 2006″، معتبرا “إن المفاوضات غير المباشرة التي بدأها لبنان منذ أحد عشر عاما وانتهت باتفاق الترسيم، قد حفظت حقه في ثروته، وأكدت عدم اعترافه بالاحتلال بدليل اقتصار النقاشات التي تمت عبر وسيط على الأمور التقنية فقط، كما أكدت صحة ما ننادي به على الدوام من أن الوحدة الوطنية هي الذخر الذي به يتحقق الانتصار وتنال الحقوق، فكيف إذا كانت وراءها قوة مباركة تخيف الصهاينة الذين كانوا يتبجحون بأن فرقة موسيقية من جيشهم تستطيع احتلال لبنان”.
وقال المرتضى:”كانوا يتبجحون بذلك، فإذا بهم الآن يخافون هبة النسيم في مارون الراس، وتدحرج الحجر في العديسة، وتمايل غصن صنوبر في جبل الريحان، ولا يتذكرون من الموسيقى إلا أنين عسكرهم منهارا أمام المقاومين، وإلا عويل دباباتهم في وادي الحجير، وزفير بارجتهم وهي تلتهب وسط البحر، وإلا صفير الكوابيس في أخيلتهم مما يخبئه لهم لبنان، بشعبه الأبي وجيشه الباسلومقاومته الثابتة المقتدرة”.
واستطرد:”ونعرف أن بعض الأصوات التي همس بها أصحابها أو هجسوا بها من هنا أو هناك، زعمت أن اتفاق الترسيم يوحي بحصول اعتراف غير مباشر.
هؤلاء نذكرهم بأن مفاوضات سابقة مع هذا العدو تمت أيضا بشكل غير مباشر، آخرها تلك التي جرت عبر الوسيط الألماني بعد انتهاء عدوان تموز،وأدت إلى تحرير الأسرى اللبنانيين من سجون الاحتلال، ولم تفض البتة إلى الاعتراف به، بل ظل الموقف اللبناني الرسمي والشعبي على حاله، وظل الإصبع على الزناد يردع العدو عن ارتكاب أي حماقة.”
وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية قال:”أما تحرير فلسطين واستعادة أرضها كاملة من البحر إلى النهر، فهدف لن يزول حتى يتحقق بهمة الأحرار والمقاومين وبخاصة أولئك الذين في غزة والضفة وداخل الأرض المحتلة، وكل الشرفاء في بلاد العرب والعالم، بدءا من الجنوب اللبناني حتى أقاصي الكرامة الإنسانية”، مجددا موقفه من موضوع التطبيع وقال :”في هذه المناسبة الراقية الرؤيوية والمسؤولة، أجدد موقفا سبق لي أن أعلنته كوزير للثقافة في الجمهورية اللبنانية: أنا أدعو إلى التطبيع وأقطع جزما ويقينا أنه لا مناص من التطبيع.
والتطبيع لغة هو جعل الأمر موافقا للطبيعة. أما الإحتلال الاسرائيلي فهو مخالف للطبيعة مناقض للقيم الإنسانية ومجاف للشرائع الدولية والحقوق الوطنية والقومية، لذلك، فإن التطبيع الحقيقي، الذي أدعو اليه، والذي أرى أنه لا محيد عنه، يكون بإعادة الأمور إلى طبيعتها، أي بإجتثاث الاحتلال وتحرير الأرض واسترجاع الحقوق، فلا للتسليم بالإحتلال أو لتسويق العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية معه”.
وختم المرتضى كلامه :”من هنا، من “رسالات”، نرسل في الختام رسالة مكتوبة بالعزم العربي الفصيح: “يا قدس إنا قادمون عما قريب” وعلى هذا الرجاء نردد على الدوام: عاشت فلسطين حرة واحدة من يافا إلى الأردن ومن الجليل إلى رفح، وعاشت القدس عاصمتها الأبدية، وعشتم وعاش لبنان.
وكان تم عرض تقرير مفصل حول الجائزة.
بعد ذلك كانت الكلمة لرئيس مجلس سياسات الجائزة السيد ميثم نيلي الذي رحب بالحضور وأثنى على” هذا النوع من الفعاليات الداعمة للقضية الفلسطينية”، كما أثنى على” الاعلام الحر والشجاع الذي لا يهاب تغطية هذا النوع من الفعاليات”.
بعدها كانت كلمة مدير عام الجائزة الدكتور محسن برويز الذي شرح عن تأسيس الجائزة وتفاصيلها، كما تقدم بالشكر لكل من معالي وزير الثقافة ورسالات. لتكون بعد ذلك الفقرة الفنية عبر أداء حي لأنشودة زهرة المدائن مع الأستاذ أحمد همداني يرافقه كورال أوركسترا شمس الحرية.
كما اختتم الحفل بتوزيع الجوائز على ١٢ فائزا من بين المرشحين عن الفئات الأربعة؛ أدب الأطفال، القصة القصيرة، الرواية، والذكريات.
والجدير ذكره أنه شارك في الحفل مجموعة كبيرة من الشخصيات السياسية والأدبية والثقافية والإعلامية الداعمة للقضية الفلسطينية، من دول أبرزها؛ أميركا، أستراليا، فرنسا، تركيا، أندونيسيا، إيران، السنغال، جنوب أفريقيا، تونس، الجزائر، وغيرها من الدول.
من أبرز الحضور المناضلة ليلى خالد، الضابط السابق في الجيش الأمريكي والخبير في الحرب النفسية وكشف الفساد Scott Benett، الناشط السياسي والاجتماعي والمؤيد للقضية الفلسطينية Kemi Seba، رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني، رئيس اتحاد الكتار الجزائريين الدكتور يوسف شقرة، والعالم والباحث ومؤلف كتاب محور المقاومة نحو شرق أوسط مستقل البروفيسور Tim Anderson.