مقال بقلم خالد خالد بعنوان: لُبْنَان مَع كُلّ مَا حَصَل “العَقْدُ شَرِيْعَةُ المُتَعَاقِدِيْن”
لُبْنَان مَع كُلّ مَا حَصَل “العَقْدُ شَرِيْعَةُ المُتَعَاقِدِيْن”
بقلم خالد خالد
في إطلالته في الثالث من تموز من عام 2022، وعلى شاشة محطة “إل بي سي أي” اللبنانية في برنامج “صوت النّاس”، وكما عهدناه.. أبدع الدكتور طلال أبوغزاله، وأغنى الحوار؛ بما طرحه من أفكار بنّاءة لتعافي الاقتصاد اللبناني، وأثنى الضيفان الموجودان في الأستوديو على ما ذكره سعادته.
وما لفت الانتباه في هذه المداخلة حرص سعادته الصّادق على مصلحة لبنان، وسمعته، ومستقبله، وأوضح أن المسألة ليست مسألة وديعة شخصيّة، بل هي مصير وطن اسمه (لبنان) الذي يجذب المستثمرين، وذكر أن الوديعة هي مساعدة للاقتصاد اللبناني، وأنه سوف يتبرّع للبنان بالمبلغ.. وربّما لا يعلم العامة عن أن الودائع هي مساعدة اقتصادية للدّول المودعة بها أكثر منها مسألة ربحيّة للمودع.
وفيما يلي قراءة لما جاء باللقاء:
قال الدكتور طلال أبوغزاله حول الرسالة التي أرسلها إلى السيد (نجيب ميقاتي) رئيس مجلس الوزراء اللبناني: إنّ هدفي من إرسال الرسالة إلى معالي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي هو توضيح ما قاله الرئيس ميقاتي على التلفزيون حول كبار المودعين؛ لكيلا نتورط أكثر في إشكالات أكبر من الودائع.
وأضاف أريد أن ألخّص ما يلي:
عندما يكون هناك عقد موقع بين البنك وبين المودع.. يتضمن مدّة للتّسديد، وفيه فائدة محدّدة لا يمكن أن نقول إن هذه مضاربة، ولا يستطيع صندوق النقد الدولي، ولا أيّ مؤسسة أخرى، وبالمناسبة صندوق النقد الدولي ليس سلطة قضائية وليس سلطة أممية، كما لا يملكون الحقّ في أخذ الحقوق من الناس، وأوكد هنا على أن صندوق النقد لو اعتمد على المبادئ التي سمعتها من لدن دولة رئيس مجلس الوزراء، لكنت سأتوجه بدعوى ضد صندوق النقد، وضد الحكومة لدى المحاكم الدولية، وتجنّبًا لأيّ إشكالات من هذا النّوع أودّ أن أوضح حقائق مختصرة:
- عندما يكون هناك عقد موقع ومثبت بين البنك ومودع وفيه شروط الوديعة وشروط فوائدها وتسليمها فهذا اتفاق وعقد ملزم.
- لا فرق بين مودع كبير ومودع صغير في القانون، ولا يجوز أن نتخذ مثل هذه السياسة الشعوبية، لكي نقول للنّاس إنّنا نحرص على صغار المودعين، بينما كبار المودعين فيَحْمِلُون الخسائر، ومن وجهة نظرنا “الكبير كالصغير” حقوقه محفوظة.
- الفوائد المتراكمة سوف تستحق على البنوك مهما طال الزّمن؛ لأن المدة لا تلغي استمرار الفائدة ما دامت الوديعة موجودة لدى البنك.
- هناك مبدأ واضح بالقانون أن هذه الودائع لها أولوية، وأنا عندما أدافع عن حقوق المودعين وأرفض مصطلح (Hair cut) قصّ الشّعر الذي لا قيمة قانونية له، ولا أسمح لأحد بقصّ شَعري على مزاجه ومن الجهة التي تناسبه.
- الودائع يجب أن تُسدّد عندما يحين وقتها.
ونوه أبوغزاله على أنّه لم يسمع من صندوق النّقد الدّوليّ أنّه موافق على كلام دولة رئيس الوزراء، وأكّد على أنه سيقاضي صندوق النقد لو قرر أن يأخذ حقوقه.
وخلال المداخلة عرف الدكتور أبوغزاله ماهيّة صندوق النقد، وقال إنه “شركة مساهمة”، والمساهمون هم دول أي ملكيتها تعود إلى دول، وتوزّع أرباحها على المساهمين كأيّ شركة أخرى بالعالم.
وأشار إلى أن الصندوق لا يملك سلطة إلهيّة!
وأضاف أنه عمل مع الصندوق في عدة برامج، ولديهم برامج مشتركة أيضًا، وشدّد على أنه لا يريد أن يورّط نفسه في قضية معروفة النّتائج، وكرّر أنّ العَقد المبرم هو عقد له صفة قانونيّة، ومُلزم للطّرفين.
وردًّا على سؤال مقدّم البرنامج حول استمرار الدكتور طلال الخبير الاقتصادي الدولي بإبقاء الوديعة رغم أن الفائدة العالية التي يمنحها البنك ليست دليل عافية بل دليل خطر، أجاب سعادته أن سبب الإيداع هو دعم الاقتصاد اللبناني، وأشار إلى أنّه يُودع في لبنان منذ عقود، وليس من عدّة سنوات، وأكّد على أن الفائدة كانت أقل بكثير من الفائدة الحالية، وأن قيمة الودائع المودعة أتت من خارج لبنان، وليست حصيلة أرباح نشاطاته التّجاريّة هناك، وأن سبب الإيداع هو إيمانه، وحبّه للبنان من باب ردّ الفضل الكبير الذي قدّمه لبنان له، خلال مسيرة حياته منذ اللجوء عام 1948 وإلى الآن.
وأكّد على أنه مستعد، وهو على الهواء مباشرة، أن يتبرّع بهذه الأموال للدّولة اللبنانية، وإلى صغار المودعين.
ورفض أن تُسْرَقَ أمواله بحجة واهية، وهي (المضاربة) وأنّ هناك مخاطر كبيرة، وأكد على أنّه لم يكن يعلم أنّ هناك مخاطر؛ لأن الحكومة بكل وزرائها كانت تعلن أن الوضع المالي سليم، وكذلك حاكم مصرف لبنان، وذكر أنه كان يأتينا تأكيد يومي على ذلك، وأنه كان على ثقة بما يقولون، ولم يكن لديه سبب يجعله يشك بما يقولون، وأن عملية الإيداع التي قام بها ليست مغامرة، بل هي ما يمليه (العقد) الذي استمرّ لعدة عقود بينه، وبين البنوك، و”العقد شريعة المتعاقدين”.
وردًّا على سؤال آخر من قبل مقدّم البرنامج الذي اقتبس جزءًا من الرسالة المرسلة إلى معالي رئيس الوزراء اللبناني، ثم قال له: “لقد ذكرتم أن التفسيرات الخاطئة تدمر فرص الاستثمار، وتدمر لبنان إلى الأبد”.
قال الدّكتور أبوغزاله: “عندما تطلب من المستثمرين بأن يضعُوا أموالهم كودائع بالبنوك، ويخسروها بقرار حكومي هل تتوقع أن يُقْدِمَ أحد على الإيداع بعد ذلك؟ لا، وإنّ هذا سيؤثر على سمعة لبنان، ويحرمها من فرص الاستثمار إلى الأبد!”.
وفي إجابته على السؤال الأخير لهذه المداخلة حول إعادة هيكلة قطاع المصارف.. “هل ستعود ثقتك بالقطاع المصرفي اللبناني تحديدًا؟”.
قال: إنه وبكل ثقة وحماس مستعد أن يُقدّم يد العون؛ لكي يتعافى لبنان، ويعود إلى خطّ السلامة، بعد إعادة الهيكلة، وسيقوم بكل ما يلزم من أجل الحفاظ على سمعة لبنان..
وختامًا..
إن لبنان فقد البوصلة بين الحفاظ على سمعته، ومستقبل البلد، والإجراءات الآنية التي تتّخذ الآن به، وإنّ لدى مجموعة طلال أبوغزاله خبرة عالميّة غنيّة، وهي متواجدة في 120 بلدًا، ولديها نشاطاتها، وودائع في عدد من بنوك هذه البلدان، ولم نواجه في يوم من الأيام مشروعًا يقول إن للدولة الحق في أن تقتطع جزءًا من الأموال المودعة بالبنوك تحت أي حجة واهية.
وبصفة الدكتور طلال الرئيس الفخري لرجال الأعمال في لبنان، قال لهم: “إن عليهم أن يتقدموا بحلول لصانعي القرار وأن يتقدموا باقتراحات عملية؛ لإنقاذ لبنان”.
وختم قائلا: “إن هذا البلد المتعدد الإمكانات والفرص لا يجوز أن ينتظر اتّفاقًا مع صندوق النقد الدولي أو مع البنك الدولي أو منحًا من هنا أو هناك.. وإن لبنان بلد عظيم فيه رجالات عظيمة وإمكانيات عظيمة، وعلينا أن نأخذ قرارنا بيدنا، لا أن نقف، وننتظر، ونستجدي المساعدات، وإن صندوق النقد، والبنك الدولي هما من المؤسسات الرّبحية، وليستا جمعيات خيرية! وعلى رجال الأعمال اللبنانيين أن يأخذوا المبادرة وأن يقترحوا حلولا للأزمة قبل أن تُفرض على لبنان من قبل المؤسّسات الدّوليّة”.
وبعد،
“فإنني سأحارب دفاعًا عن سمعة لبنان، وسأدعم لبنان مدى الحياة، وإلى الأبد ما دام الأمر محكومًا بالقانون والمؤسّسات، وما دام (العقد شريعة المتعاقدين)”.