زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد كبير من علماء دار الفتوى ضريح مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد في منطقة الأوزاعي بمناسبة ذكرى استشهاده، وقرأ الفاتحة عن روحه الطاهرة بحضور عائلة الفقيد.
واصدر المفتي دريان البيان الاتي: يقولُ الله تَعَالى في مُحْكَمِ تَنْزِيلِه: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ“
في الذكرى الثَّالِثَةِ وَالثَّلاثِينَ لاسْتِشْهادِ مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى، تَعُودُ بِنا الذَّاكِرَةُ إلى مَا قَامَ بِه هذا المُفتِي الفَذّ، الذي أَعطَى الوَطَنَ وَالأُمَّةَ الإسلاميةَ أغلى ما يَمْلِك، لِيبقَى لبنانُ عزيزًا حُرًّا كَرِيمًا مُوحَّدًا، يَجمَعُ قلوبَ أبنائهِ وَهِمَمَهُم، لِلنُّهُوضِ بِهِ في مَسِيرَةِ التَّطَوُّرِ والازْدِهار، وَحِفظِ حُقوقِ الإنسان، أيًّا كانَ انتماؤه.
اليوم، وفي هذه الذِّكرَى، نَستَلْهِمُ مِنْ مَناقِبِ هذا المُفتِي الشَّهيد، الشَّجَاعَة، وَالصَّدْعَ بِالحَقّ، وَالحِرصَ على كَرامَةِ اللبنانيينَ والمُسلِمِينَ وَوَحْدَتِهِم، فالوَحدَةُ ليستْ مُجَرَّدَ شِعارٍ فقط، ولكنَّها أسلوبٌ لحياةٍ أفضل، وإنَّها الطريقُ الأسلمُ لِتَحقِيقِ الطُّمُوحاتِ الوَطَنِيَّة، وأوَّلُها المُوَاطَنَةُ العادِلة، التي دعا إلى تَطبيقِها حتَّى لا يَتَمَايزَ مُواطِنٌ عَنْ مُوَاطِنٍ إلا بِمَدَى حُبِّهِ لِوطنِه، والسَّعْيِ إلى النُّهوضِ بِه، ليكونَ في مَصَافِّ الدُّولِ المُحترمة.
أضاف: نحن أبناءُ مدرسةِ المُفتي الشَّهِيد، نَسِيرُ على نَهْجِهِ الذي عَمِلَ طَوَالَ حَياتِهِ مِنْ أجِلِ تكريسِ هذه القِيَمِ السَّامِيَة، وَنَشرِ مَفهُومِها على مِساحَةِ لبنان، اِنطِلاقًا مِنَ المَبَادِئِ والثَّوَابتِ الإسلامِيَّةِ وَالوَطَنِيَّة، فكم يَعِزُّ علينا في هذه الذِّكرَى الأليمة، أنْ نَرى لبنانَ على ما هو عليه مِنِ انْقِسَامٍ وَفُرْقَةٍ وَتَشَرْذُم، وَفَقْرٍ وَجُوعٍ وأزماتٍ كبيرة، فإنَّ كُلَّ مُخلِصٍ حُرّ، لا يَرضَى لِشَعْبِهِ وَوَطَنِهِ أنْ يَصِلَ إلى هذا الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ التَّقَهْقُر والسُّقُوط.
وختم: سَنَبْقَى أيُّها الشَّهيدُ الكبير، مُحَافِظِينَ على مَسِيرَةِ الشَّهادةِ والوفاءِ لها، تقديرًا لِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ الطَّاهِرَة، التي أُريقتْ على أرضِ لبنانَ الطَّيِّبة، في سبيلِ الإبقاءِ على هُوِيَّتِهِ العربِيَّةِ وشرَفِ الانتماء.
وقال المهندس سعد الدين خالد رئيس مؤسسات المفتي الشهيد حسن خالد باسم العائلة: نتذكر المفتي الشهيد الرمز الاستثنائي في مواقفه الوطنية الجامعة للمحافظة على الدولة والوطن، ونتذكره فيما كان يمثل من قيمة وطنية وإسلامية ودينية وإنسانية.
لذلك خافوه فقتلوه غدرًا، لأنه ممنوع أن يكون في “لبنان” زعيمًا سنيًا قويًا جامعًا للطائفة اللبنانية الإسلامية السنية.
كان أساس الحوار الإنساني من أجل عالم يسوده الأمن والسلام والأخوة.
وتابع: نفتقد اليوم وتفتقد الساحة الوطنية اللبنانية لقامة وطنية مثل “حسن خالد»، في مثل هذه الأيام السوداء، هذه القامة التي كانت تمثل البوصلة الوطنية للبنانيين جميعًا.
لقد استطاع أن يكون “الملاذ الوطني الآمن” للبنانيين جميعًا في لحظات الارتباك والفوضى، والأزمات.
كان يحظى باحترام وتقدير الجميع، حتى أولئك الذين اختلفوا معه سياسيًا، ولم يكن أمامهم إلّا اغتياله لأنه كان أكبر منهم قامة وطنية وقومية وعالمية، و لأنهم لم يكونوا يريدون أن يُعطى له “مجد لبنان” بعد “اتفاقية الطائف”- التي كان مفتيها.
رحم الله تعالى المفتي الشهيد حسن خالد الذي خافوه فقتلوه، زعيمًا قويًا جامعًا”، وقدوة، ومنارةً، وقلعةً تُنير للبنانيين الطيبين طريق الحق، في إطار الدولة الوطنية اللبنانية.