طربيه: إعفاء الدولة من التزاماتها المالية سيترجم شطبا للودائع وسينعكس على التعافي والثقة ..فتوح عن طربية :قامة مصرفية عملاقة تتمتع برؤية ثاقبة
وطنية – إفتتح الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب صباح اليوم، في مقر الأمانة العامة لإتحاد المصارف العربية في بيروت كليمنصو، اللقاء السنوي لخبراء الموارد البشرية التابعة للإتحاد تحت عنوان: “الاستعداد للمستقبل: استكشاف أحدث اتجاهات إدارة الموارد البشرية والتدريب في القطاع المصرفي” بمشاركة كبار المسؤولين والعاملين في إدارات الموارد البشرية في المؤسسات المالية والمصرفية العربية من لبنان و أكثر من عشرة دول عربية.
وأفاد الاتحاد ان اللقاء “يشكل فرصة لتتبع آخر المستجدات في مجال تطوير وتحديث المهارات الإدارية والمعايير الخاصة التي تحكم تطوير العمل، وتعميق معرفتهم بأهمية الدورالجديد للموارد البشرية، بهدف الوصول إلى أعلى مستوى من الانتاجية”.
الافتتاح
بداية، تحدث الأمين العام للإتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور وسام فتوح فقال: “يسعدني بداية أن أرحب بكم جميعا، وأشكر مشاركتكم وحضوركم في هذا اللقاء السنوي لمجموعة خبراء الموارد البشرية وهي إحدى المجموعات الــ13 التي تعمل في نطاق الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، والتي تشكل الأسس التي بني عليها الإتحاد لتطوير المهنة المصرفية العربية، وتأهيل وتطوير الكوادر البشرية العاملة في هذا القطاع.
ويسعدني أن أرحب بكم في هذا الصرح المصرفي الكبير الذي أصبح حقيقة راسخة بفضل قامة مصرفية عملاقة تتمتع برؤية ثاقبة إستثمرت كل جهودها وعلاقاتها لبناء مقر لإتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، وأصر حينها أن يحمل هذا المقر إسم «البيت المصرفي العربي»، لإيمانه بدور العمل المصرفي في بناء الإقتصادات والمجتمعات والأوطان.
وهو الذي سخر مناصبه كلها لخدمة مصلحة بلده لبنان، وأحدث نقلة نوعية في إتحاد المصارف العربية مدركا أهمية هذه المنظمة، مشجعا على تعزيز الدور الدولي للاتحاد بعد أن فتح له أبوابا واسعة كمرجع حقيقي للقطاع المصرفي العربي.
إننا في الأمانة العامة لإتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب يسعدنا أن نشكرك سعادة الرئيس الدكتور جوزف طربيه ونفتخر ونعتز بمسيرتكم التي صوبت مسارنا وحفزتنا على النجاح في تحقيق أحلامكم وأهدافكم”.
طربيه
وألقى رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه كلمة لفت فيها الى أن هدف اللقاء “الإضاءة على أهم التطورات التي تشهدها إدارة الموارد البشرية في المؤسسات بشكل عام، وفي المصارف بشكل خاص، بالاضافة الى القضايا التي يتوجب على مدراء ادارة الموارد البشرية متابعتها، بهدف رفع كفاءة العاملين في المصارف وتحسين البيئة التنظيمية في المؤسسات، لما لذلك من انعكاس مباشر على حسن سير العمل فيها، وعلى أدائها، بل وحتى على ديمومتها”.
وقال: “قد تم تنظيم هذا اللقاء للتباحث في تطور مهام ادارة الموارد البشرية في مؤسساتنا المصرفية، بالتوازي مع تطور الاعمال والتغيرات والتعقيدات التي تشهدها البيئة التشغيلية التي تعمل فيها تلك المؤسسات. وتحديدا، للتباحث في ما شهدناه خلال السنوات القليلة الماضية من تحولات كبيرة في عمل ادارات الموارد البشرية، ومنها اجراءات الاشراف على العمل عن بعد في ظل جائحة كورونا، وكيفية التعامل مع التحول الرقمي الكبير والمتسارع الذي تنتهجه الشركات، وضرورة اعتماد معايير الاستدامة وغيرها.
إن ادارة الموارد البشرية، كوظيفة مسؤولة عن توجيه وظائف المنظمة، لم تعد مهامها تركز فقط على الامور التقليدية، مثل التوظيف والتدريب والتطوير والتحفيز وعلاقات الموظفين وأمور الرواتب والمزايا والتعويضات…. بل تطور عمل الموارد البشرية ليواكب البيئة الداخلية والبيئة الخارجية للمؤسسة”.
أضاف: “وفي هذا السياق، أود الاضاءة على بعض الادوار المستجدة، او القضايا الجديدة التي أصبحت من ضمن مهام ادارة الموارد البشرية:
أولا. ادارة الموارد البشرية هي العمود الفقري “غير المرئي” للمؤسسة: فالموارد البشرية هي جزء من جميع أعمالنا سواء كان في المؤسسة 5 أشخاص أو 5000 شخص. وادارة الموارد البشرية مهمة لأنها تحدد هيكل المؤسسة، والمسؤوليات، والوظائف، والعلاقات بين الموظفين افقيا ورأسيا، وبالتالي فهي تحدد امكانية استمرار العمل من عدمه.
ثانيا: الدور الاستراتيجي لادارة الموارد البشرية: إن الدور الاستراتيجي للموارد البشرية ينطوي على التركيز على متطلبات العمل المستقبلية وفهم كيفية تناسب إدارة رأس المال البشري مع خطط المؤسسة. وعليه، ينظر إلى مديري الموارد البشرية بشكل متزايد على أنهم مساهمون استراتيجيون في نجاح المؤسسات، ويشاركون في وضع وتنفيذ الإستراتيجية التنظيمية للوصول إلى الاهداف الاستراتيجية.
ثالثا. تنمية المؤسسة: تلعب الموارد البشرية دورا رئيسيا في تطوير وتعزيز، بل وحتى تغيير ثقافة المؤسسة. ويعتبر الأشخاص بصفتهم “مواردا بشرية” مهمين لأنهم يستطيعون تحقيق أفضل الاستخدامات لطبيعتهم الفكرية لخلق المزيد من الموارد من خلال تطبيق المعرفة والمهارات والتكنولوجيا. وفي هذا السياق، فإن تحسين جودة مهارات الأشخاص حتى يتمكنوا من إنشاء المزيد من الموارد، هي فعلا “تنمية للموارد البشرية”.
رابعا. استدامة المؤسسة: هناك العديد من أنواع الشركات المختلفة التي تعمل في العالم وتتنافس أيضا مع بعضها البعض لاكتساب ميزة تنافسية ولتصبح مستدامة أيضا. فالاستدامة، هي الجزء الرئيسي الذي يمكن لادارة الموارد البشرية التأثير عليه وتشجيعه، للوصول إلى الهدف التنظيمي الاوسع.
خامسا. التماشي مع الاستراتيجيات: يجب أن يتماشى تصميم العمل وتخطيط القوى العاملة وإدارة كفاءات الموظفين وتشجيع المواقف والسلوكيات الصحيحة للموظفين مع بعضها البعض لتكون فعالة. فإذا كان هدف المنظمة هو الوصول إلى جمهور أوسع، يجب على الموارد البشرية النظر في أفضل الممارسات التجارية الاستراتيجية لخلق أفضل بيئة لتحقيق هذه الأهداف.
سادسا. ادارة المخاطر والامتثال: تخضع “دورة حياة الموظف” لتشريعات التوظيف ومراحل عملية التوظيف وعقود العمل والأجور والمزايا والسلوك. وفي ظل ذلك، تأخذ ادارة الموارد البشرية في الاعتبار هذه العوامل وتضعها في السياسات لتفادي أي مخاطر عدم امتثال مع القوانين الوطنية ذات الصلة.
سابعا. الذكاء الاصطناعي: ولا يمكن في هذه المعالجة ان لا نشير الى التحديات الجديدة التي يطرحها ادخال الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، ومن بينها مجال ادارة الموارد البشرية بحيث يصبح التساؤل مشروعا عما ستصنعه ثورة الذكاء الاصطناعي في ادارة الموارد البشرية وفي المساعدة في القيام في العديد من الانشطة الادارية واستقطاب الكفاءات والاعداد والتدريب وتنمية المهارات وتقييم الاداء، بحيث يبقى السؤال المطروح هل يمكن ان يشكل الذكاء الاصطناعي بديلا عن البشر في ادارة الموارد البشرية؟ انه مما لا شك فيه انه من المبكر الجزم بما ستفعله التكنولوجيا من تغييرات في ادارة البشر ولكنها ستساعد على حصول انماط جديدة من الادارة، واشواط متقدمة من الفعالية بما يحقق تحسين اداء المؤسسات وتطويرها وتحقيق ثورة في عالم ادارة الاعمال. وبدلا من أن يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدا سيكون عونا للادارات من اجل تحسين الاداء وفتح آفاق امامها لا حدود لها”.
وتابع: “اود أن انتهز مناسبة هذا اللقاء للاضاءة على التطورات المصرفية في لبنان، بعد نحو ثلاث سنوات ونصف السنة من اندلاع الازمة المالية والنقدية والمصرفية التي تعصف به.
للأسف، وحتى اليوم، لم يحقق لبنان اية انجازات لمعالجة الازمة التي هي من اعقد واخطر الازمات التي تم تسجيلها حول العالم. وفي حين يبدو ان التعاون مع صندوق النقد الدولي هو حاجة للبنان، وقد وقعت الحكومة اللبنانية اتفاقا على مستوى الموظفين مع الصندوق، إلا أن هذا الاتفاق لم يقترن بالتنفيذ، ويبدو ان هناك ضرورة لعودة النظر به.
وفي الواقع، لم تكن مسيرة التفاوض مع صندوق النقد الدولي سهلة، واليوم ستصبح أصعب مع وقوع لبنان في مرحلة الفراغ الرئاسي والإشتباك الدستوري الحاصل حول استمرار صلاحية المجلس النيابي في التشريع في ظل تحوله إلى هيئة إنتخابية يقتصر نشاطها على انتخاب رئيس للجمهورية ليكتمل عقد السلطات الدستورية. يضاف إلى ذلك دقة المواضيع المطروحة على المجلس النيابي للتشريع بشأنها والتي تتضمن بنودا لا سابق لها في لبنان كشطب الودائع وتصفير الرساميل للمصارف، ووضع قيود على حركة الرساميل، وإجراء مراجعة على النظام الضريبي.
ولم يكن اللجوء إلى صندوق النقد الدولي الخيار المرغوب في لبنان في أي يوم، لعدة إعتبارات تتمحور حول الحذر من الصندوق لأسباب متعددة لا مجال لتعدادها الآن، إلى أن حصل الانهيار المالي وتوقف لبنان عن دفع ديونه السيادية الخارجية وخروجه من أسواق المال العالمية وتعذر عودته إليها دون اتفاق مع صندوق النقد الدولي. كما أنه لا يمكن أن نفند هنا الصعوبات التي يواجهها تحرك الصندوق في لبنان ووصفاته التقليدية أو المستحدثة سواء كان منها في إلغاء السرية المصرفية، وطلب إعتماد قانون الكابيتال كونترول وتوحيد وتحرير سعر الصرف وضبط عجز الموازنة العامة وشطب الودائع وإعادة هيكلة المصارف وتصفير رساميلها. وتشكك جهات عديدة في لبنان في الكثير من صوابية بعض المعالجات والطروحات القاسية التي تضمنها خطة الصندوق. ونشير هنا إلى أن بعض الإصلاحات المطلوبة من الصندوق تعتبر بديهية، وكان يفترض حصولها بدون مداخلة من الصندوق كقانون الكابيتال كونترول الواجب حصوله عند بدء اندلاع الأزمة في عام 2020، أو إصلاح نظام الضرائب، أو ترشيد الإنفاق، أو خفض حجم القطاع العام، أو تجنب العجز في الموازنة العامة، أو مكافحة الفساد، أو تحرير سعر الصرف.وتدل مناقشات المجلس النيابي الحالية على وجود مواقف رافضة من معظم الكتل النيابية لما تضمنته خطة التعافي من شطب للودائع حيث تبدو معظم الاتجاهات النيابية لصالح الحفاظ على ودائع المودعين، صغارهم وكذلك كبارهم، وبينهم مؤسسات مصرفية عربية ومستثمرون ومودعون عرب أودعوا أموالا لهم منذ عشرات السنين في المصارف اللبنانية وكذلك الأمر بالنسبة للمودعين اللبنانيين من مقيمين ومغتربين. إن سردية صندوق النقد لجهة اعتبار ديون الدولة خسائر وإعفائها من التزاماتها المالية تجاه البنك المركزي وشطب عشرات المليارات من الدولارات من الديون، ستترجم في النهاية شطبا للودائع، وهو ما يبدو مرفوضا حتى الآن من المجلس النيابي حيث يطلق الكثير من النواب شعارات معاكسة تماما لذلك، تلاقي تأييدا لدى جمعيات المودعين على مختلف انتماءاتهم، لعل أبلغها المناداة “بقدسية الودائع”. ولكن ليس واضحا حتى الآن كيف ستترجم هذه الشعارات على الصعيد العملي.
وإن صندوق النقد الدولي، لا بد له أن يتعامل مع هذه الحقيقة النيابية المبنية على وجود موانع دستورية وقانونية وسياسية تمنع على الدولة شطب الودائع”.
وختم: “يجب عدم الاستخفاف بالآثار الإقتصادية والإجتماعية للشطب وكذلك انعكاساته على التعافي وعلى استعادة الثقة بلبنان وبقطاعه المصرفي، وهذا ما يعمل له إتحاد المصارف العربية والمؤسسات العربية الأخرى الناشطة في حقل الإستثمار. لذلك لا بد للدولة اللبنانية من تحمل مسؤوليتها عن ديونها، وقيادة الحل من خلال خطة لإعادة الودائع تدريجيا من دون أي بيع لأصولها، وكذلك التفاوض بحسن نية مع دائني اليوروبوند تمهيدا لاستعادة الشرعية المالية والعودة إلى الأسواق المالية الدولية. وإن الذين لا يجدون طريقة أخرى للتخلص من الدين إلا عبر شطبه، يرفضون في الواقع إجراء إصلاح على المالية العامة توقف منافذ الهدر وتحسن الإيرادات وتضع لبنان على طريق التعافي.
كما يجب أن لا نغفل أن جزءا مهما من أزمة لبنان يتطلب حلا بالسياسة وليس فقط بالإقتصاد، لذلك يقتضي أن تعود المؤسسات الدستورية إلى عملها ويجري انتخاب رئيس للجمهورية ويعود المجلس النيابي للتشريع من أجل تعزيز ثقة المجتمع الدولي والعربي بلبنان وبمؤسساته”.