المطران ابراهيم في عيد القديس يوسف: المسؤولون تخلوا عن الشعب علناً " على عينك يا تاجر"
احتفل رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بالذبيحة الإلهية في كنيسة مار يوسف حوش الأمراء بمناسبة عيد شفيع الرعية القديس يوسف البتول، بمشاركة كاهني الرعية الأرشمندريت انطوان سعد والأب انطوني ابو رجيلي، مدير دار الصداقة الأب جوزف جبور والأب جورج عنتر بحضور جمهور كبير من المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس كانت كلمة للأرشمندريت سعد رحّب فيها بالمطران ابراهيم وشكره على كل جهوده في خدمة الأبرشية.
كما كانت عظة للمطران ابراهيم هنأ فيها ابناء الرعية بعيد شفيع رعيتهم، وتمنى للجميع ان يعاد العيد في السنوات المقبلة بظروف افضل ومما قال:
” اخوتي الآباء المشتركين معي في الذبيحة الإلهية، ابناء الرعية الحاضرون في هذه الكنيسة المباركة والمقدسة.
كنيسة مار يوسف في يوم عيد شفيعها تفرح بأن شفيعها هو حارس الفادي، هو الذي اخذ على عاتقه ان يحرس يسوع وأمه العذراء مريم، وهذه المهمة هي صعبة خاصة في البداية عندما عرف أن مريم حُبلى ولم يكن يعرف انها حُبلى من الروح القدس، ساورته الشكوك وارتمى في بحرٍ من أمواج الشك والقلق، وكما نسمع في الإنجيل المقدس كان يحلم احلاماً كالكوابيس كيف ان مريم اصبحت حُبلى الى ان ظهر له ملاك الرب وطمأنه وقال له ” ان امرأتك مريم هي حُبلى من الروح القدس، وان المولود منها سيكون اسمه يسوع اي الله معنا”.
اذا اردنا مقارنة ذواتنا مع يوسف نرى اننا في احيان كثيرة نرتمي في شكوك لا أصل لها ولا قواعد تُبنى عليها بثبات وبمعرفة للحقيقة والواقع. نصبح نشك في ذواتنا، في المقربين الينا والمحيطين بنا، في اصدقائنا، هذا الشك الهدّام الذي يجعلنا نحلم احلاماً مُرّة بأن الذي بجانبنا لا يحبنا وأنه عدوّ لنا الى آخره من الشكوك التي تجلنا نغيّر مواقفنا في الحياة تجاه ذواتنا وتجاه الآخرين.”
واضاف” ثورة الشك التي تصيب كل انسان أصابت يوسف، ولم تهدأ هذه الثورة الى ان امتدت يد الملاك ولمسته بلمسة الثبات والثقة ومعرفة الحق. هذه هي اللمسة التي نحتاجها اليوم. يوسف الذي قرر ان يترك مريم سراً، واليوم هناك كثيرون يتركوننا علناً وخصوصاً المسؤولون عنا الذين اعطوا هذه المسؤولية بأن يكونوا حراساً للشعب والناس، هؤلاء المسؤولين ارتموا في الشك الذي لا يبنى على الواقع، فالشعب والناس هم احق من هذا الشك بالعيش الكريم، بالحرية والإزدهار والإستقرار، هذا حق لا نستجديه من احد . هم لم يشكوا فينا فقط بل شحّدونا وقرروا ان يتخلوا عن الشعب علناً ” على عينك يا تاجر” كما نقول في لغتنا، دون ان يشعروا بأي حساسية على مواقفهم الغير مطابقة لحقوق الناس وكرامة الإنسان، وبالرغم من ذلك لا يزال الناس يلحقون بهم ويعتقدون ان الخلاص بيدهم وما زالوا ينتظرون جلسة لمجلس الوزراء من هنا وجلسة لمجلس النواب من هناك وكأن كل التاريخ الحديث الذي عاشه لبنان لم يعلّمنا بأننا في أزمة مصيرية، كيانية وجوهرية لأن الذين أولوا أمر حراستنا كشعب قرروا ان يتخلوا عنا علناً. لذلك نحن بحاجة الى ملاك يوقظنا من ثبات الإستسلام لأوضاع تفوق طاقتنا وارادتنا، مفروضة علينا، تأسلرنا وتسجننا في وطن نحبه ولكن لا يجوز ان يتحول الى سجن، هذا اللوطن هو مجال ومتّسع للحرية لكل ابنائه.”
وتابع سيادته” من يستطيع اليوم ان يعيش حرّاً في لبنان؟ مهما علا شأنه ومهما كان مسؤولاً عليه ان يتنفس الهواء الملوث، ويتناول الدواء المنتهية صلاحيته، وعليه ان يقع في كل انواع المخاطر التي تنتج عن الفساد.لا احد في لبنان يستطيع ان يقول ان الأزمة لا تطاله مهما كان يملك من المليارات من الأموال، لا يوجد سيارات تنقّي الهواء من مدينة الى أخرى، والتلوث لا يقتصر فقط على التلوث البيئي الذي يشكل خطراً على كل الناس، بل التلوث الذي يأتي من داخلهم بحاجة الى الكثير من الصلاة،وهم بحاجة الى ملاك يوقظهم ويعيدهم الى رسالتهم الأصيلة، والأمل ان يأتي اشخاص جدد على قدر المسؤولية بشكل يناسب كرامة الناس في لبنان.
كلامي نابع من حرقة قلب انه لا يجوز ان نُسلَّم لهكذا مسؤولين يرتكبون الجرائم بحقنا جميعاً كل يوم ويتنقلون بيننا ويحصلون على احترام اكثر بكثير من الإنسان الذي يظلمونه. نحن بحاجة الى اشخاص صادقين، اشخاص يحبون الناس. لماذا وصلنا الى هذه الحال وهم مرتاحون؟ هل هناك واحد منهم يحمل همّ سعر صرف الدولار؟ هل هناك واحد منهم يحمل همّ شراء المواد الغذائية من السوبرماركت؟ واذا اشترى كمية صغيرة يبلغ سعرها ضعفين او ثلاثة راتبه الشهري؟ واذا ان يملأ سياراته بالوقود يبلغ خمسة اضعاف راتبه الشهري؟ وكيف للحياة ان تستمر اذا كان هناك مسؤولون مثبتون بالمسامير في كراسيهم وممنوع على احد ان يلمسهم وكلّهم خطوط حمراء!
في ظل الواقع الراهن لا يسعنا الا ان نعلن الحقيقة بجرأة ونصلّي لكي يوقظ ملاك الرب المسؤولين عندنا، ويوقظ كل اللبنانيين بأن الوضع الحالي لا يجوز ان يستمر. نحن لسنا دعاة عنف ولا دعاة جرائم لكن نحن دعاة استعادة الحقوق المسلوبة داخل الوطن من مسؤولي الوطن. واليوم اتوجه بتحية كبيرة الى الجيش اللبناني الموجود على باب هذه الكنيسة ليحرسنا، هولاء هم على مثال القديس يوسف، حرّاس حقيقيين للبنانيين وللوطن،لولا الجيش اللبناني لما بقي لبنان، لذلك نحن نحيي الجيش اللبناني ونقول لشبابنا لا تفقدوا الثقة بجيشنا، التطوع في الجيش اللبناني بالرغم من كل المصاعب الحالية يبقى واجباً وطنياً مهماً.”
وختم المطران ابراهيم ” اتمنى لهذه الرعية استمرار الإشراق والنشاط برعاية كهنتها، الأرشمندريت انطوان سعد والأب انطوني ابو رجيلي. الأب انطوان اعرفه جيداً واعرف غيرته ومحبته وصدقه وشفافيته، والأب انطوني كان لي الشرف ان اعطيه سر الكهنوت بوضع اليد. انشاءالله الرب يبارككم دائماً بالقوة والنشاط لمتابعة مسيرة الخدمة . وبيننا اليوم كاهن يحتفل بعيد شفيعه، الأب جوزف جبور مدير دار الصداقة، يحمل على اكتافه صليباً كبيراً في مسؤوليته في الدار، وهي مسؤوليه ليست سهلة لأنها تختص بالإنسان وتلمسه في عمق مشاكله وعمق احتياجاته، لذلك دار الصداقة هي اليوم بأمان في يد كاهن ممتاز جداً نتمنى له طول العمر.
اتوجه بالمعايدة من كل الذين يحتفلون بعيد القديس يوسف ويتخذونه شفيعاً لهم واسأل الرب ان يبارككم ويبارك هذه الرعية لسنين طويلة آمين.”
وبعد القداس التقي المطران ابراهيم زكهنة الرعية المهنئين بالعيد وتفقد كرمس الشبيبة المقام بمناسبة عيد القديس يوسف.